كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط هجر) (اسم الجزء: 1)

زاد مسلم من حديث جابر أن ذلك كان قبل موته صَلى الله عَلَيه وسَلم بشهر . ولفظه: سمعت النَّبيّ صَلى الله عَلَيه وسَلم يقول قبل أن يموت بشهر: أقسم بالله، ما على الأرض من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مِئَة سنة وهي حية يومئذ.
ولهذه النكتة لم يصدق الأئمة أحدا ادعى الصحبة بعد الغاية المذكورة . وقد ادعاها جماعة فكذبوا ؛، وكان آخرهم رتن الهندي على ما سنذكر تراجمهم كلهم في القسم الرابع ؛ لأن الظاهر كذبهم في دعواهم على ما قررته.
ثم من لم يعرف حاله إلا من جهة نفسه فمقتضى كلام الآمدي الذي سبق ومن تبعه ألا تثبت صحبته . ونقل أَبو الحسن بن القطان فيه الخلاف ورجح عدم الثبوت . وأما ابن عَبد البَرِّ فجزم بالقبول بناء على أن الظاهر سلامته من الجرح، وقوى ذلك بتصرف أئمة الحديث في تخريجهم أحاديث هذا الضرب في مسانيدهم . ولا ريب في انحطاط رتبة من هذا سبيله عمن مضى . ومن صور هذا الضرب أن يقول التابعي: أخبرني فلان (مثلا) أنه سمع النَّبيّ صَلى الله عَلَيه وسَلم يقول، سواء أسماه أم لا . أما إذا قال أخبرني رجل، مثلا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم بكذا فثبوت الصحبة بذلك بعيد ؛ لاحتمال الإرسال . ويحتمل التفرقة بين أن يكون القائل من كبار التابعين، فيرجح القبول، أو صغارهم فيرجح الرد . ومع ذلك فلم يتوقف من صنف في الصحابة في إخراج من هذا سبيله في كتبهم . والله تعالى أعلم.

الصفحة 21