كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط هجر) (اسم الجزء: 1)

الفصل الثالث في بيان حال الصحابة من العدالة
اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة، وقد ذكر الخطيب في الكفاية فصلا نفيسا في ذلك، فقال: عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره، عَن طهارتهم، واختياره لهم؛ فمن ذلك قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}، وقوله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}. وقوله: {لقد رضي الله، عَن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم}. وقوله: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه} وقوله: {يا أيها النَّبيّ حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} وقوله: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا، وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} إلى قوله: {إنك رؤُوف رحيم} - في آيات كثيرة يطول ذكرها، وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها؛ وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق؛ على أنه لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد. ونصرة الإسلام، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأبناء. والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين - القطع على تعديلهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم، والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم.
هذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتمد قوله.

الصفحة 23