كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)
بالمسارعة لتحصيل قليل المغفرة فهو مأمور المسارعة إلى ما يجعل كثيرها من باب أحرى.
قال ابن عرفة: فإِن قلت: أمروا بالمسارعة لتحصيل الأمر الملائم فهلا أمروا بالمسارعة إلى السلامة والنجاة من الأمر المؤلم المنجي من العذاب، فهو أولى؛ لأن دفع المؤلم آكد من جلب الملائم، قال: فالجواب أنه لو كان كذلك لما تناول إلا فعل الواجبات خاصة، وهي ما في فعله الثواب، وفي تركه العقاب، والقصد في الآية أمرهم بتحصيل الواجب المندوب، فلذلك عبر بالملائم دون الملام من المؤلم.
ابن عرفة: وذكر المغفرة يستلزم السلامة من النار.
ابن عرفة: والمسارعة تستلزم المسابقة؛ لأن من أسرع إلى الشيء فهو يسبق غيره إليه، ولا بد بخلاف المسابقة فإنه قد يسبق إليه من غير إسراع، وقال أبو جعفر الزبير: أنما قال هنا: (سَارِعُوا) وفي سورة الحديد: (سَابِقُوا) لتقدم المسارعة في التوبة على المسابقة فقدمت عليها في التلاوة؛ ولأن من سابق فقد سارع، ومن أسرع فقد سبق، وقد ... فعله سبق، وهو نص في حصول المقصود، وسارع من أسرع، وليس بنص في حصول المقصود؛ لأنه قد يسرع ولا يتصل بالغرض.
قوله تعالى: (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ).
ابن عطية: كتب هرقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كتبت إليَّ تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فأين النار؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " [فأين الليل إذا جاء النهار*] " ابن عرفة: والإشكال أيضا فيها نفسها؛ لأنها إذا كان عرضها السماوات والأرض فأين تكون هي مع أنهم قالوا: هي في السماء فكيف تحصيل الحرم الكبير والصغير لكن، أجيب بوجهين:
الأول: قال ابن عرفة: هي كعرض السماء والأرض الآن، ثم يوم القيامة، ثم (تُبَدُّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ) وتصير أكبر مما هي الآن عليه، فيمد في السماوات حتى تصير أكبر من الجنة فهل فيها.
الصفحة 411
464