كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)

ابن عرفة: والاتعاظ هو أن تقيس فعله بفعل غيره من العصاة، ويخاف أن ينزل به من العقوبة بمثل ما نزل بمن فعل ذلك وليهتدي فمن أطاع الله عز وجل ويرجو أن يناله من الخير والثواب مثل ما نال ذلك الطائع.

قوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا ... (139)}
ابن عرفة: الوهن هو ذل وضعف في النفس بمؤلم مستقبل كسماعنا الآن ... عند النصارى وخوفنا منها أن تكون على ... فتحدث بذلك في نفوسنا روع وهلع، والحزن هو التفجع على أمر مؤلم وقع ومضى، وقدم الوهن؛ لأنه المقصود بالذات.
قوله تعالى: (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ).
قالوا: إنه حال من الضمير (وَلَا تَهِنُوا).
ابن عرفة: والصواب أنه مستأنف؛ لأنهم لم ينهوا عن الوهن في هذه الحالة بل مطلقا وهم الأعلون أيضا مطلقا سواء وهنوا أو لَا، فإن قلت: هلا قيل: أو كنتم مؤمنين؟، قلت: إنما عبر بأن تهييجا على الاتصاف بأن الإيمان ولاسيما أنها تعريض بالمنافقين فهم داخلون فيها فكذلك عبر بأن.

قوله تعالى: {إِنَّ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ... (140)}
قيل: جواب الشرط مقدر، أي: فلا ضعف ينالكم تأسيكم بهم وتسليكم بما لهم معكم، وما نالهم من أيديكم، وقيل: المذكور هو نفس الجواب.
ابن عرفة: وكان بعضهم يجري هذا على الخلاف في لأن المذهب هل هو مذهب أو لَا؟، فإن قلت: إنه مذهب، فيكون المذهب هو الجواب، فإنه لازمة التسلي والتأسي بهم، فإِن قلنا: إنه ليس بمذهب، فالجواب: قوله تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً) قال ابن عطية: سبب نزول الآيتين، أن الصحابة قالوا: يا رسول الله، كان بنوا إسرائيل أكرم على الله منَّا حين كان المذنب منهم يصبح، فعقوبته مكتوبة على باب داره، فأنزل الله هذه الآية توسعة ورحمة ومؤمنا من ذلك الفعل.
قال ابن عرفة: وضم هذا السبب للآية نفيه أن المستغفر من الذنب مساو لمن يذنب، لكن إن من لم يذنب إن كان للعلم بفاعل الفاحشة، واجتنبها فليس مساويا له

الصفحة 416