كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)
قيل لابن عرفة: أو يجاب بأنه إذا الاستغفار يزيل الذنب أثر الذنب المحقق فعله فأحرى أن يزيل المشكوك في فعله، والذي يقطع فعله ولم يفعله، قال كاتب هذا سمعت من ابن عرفة في ميعاده، وكان أعطاني ليلة الجلوس براءة تجعله على هذه الدولة نصها، إن قيل: لم عدل عن أن التي لَا تدخل على محقق الوقوع، ولا إمكانه إلى ذا الدالة على ذلك، مع فعل الفاحشة المطلوب شرعا نفيه لَا أنواعه؟، قلت: لأن المقصود من هذه الشرطية إنما هو ثبوت الملازمة بين فعل الفاحشة والاستغفار منها، ولفظ إذا يدل على رجحان وقوع الفاحشة الملزوم لعدم امتناعها فثبوتها يدل على ثبوت ملازمها قطعا ضرورة امتناع وقوع استلزام وقوع الممكن للمحال، والمحال قد يستلزم محالات فلا يثبت نفس الملازمة بين فعلهم الفاحشة وبين استغفارهم، فإن قلت: فإذا كان فعل الفاحشة منهم محالا كان أبلغ في رفع درجاتهم، قلت: ليس المقصود من هذا القسم حصول هذه الدرجة، بل هذه حالة الطائفة الأولى، والمقصود الإخبار عن طائفة يمكن وقوع الفاحشة منهم إلا أنهم لَا يصرون عليها، بل مبادرون بالاستغفار منها عاجلا، انتهى نقله من خط ابن عرفة.
قال ابن عطية: والفاحشة لفظ يعم جميع المعاصي، وفسرها السدي بالزنا.
قوله تعالى: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) دليل على أن ذلك إلا أن يقال هنالك: معرفة بالألف واللام العهدية.
ابن عرفة: ويحتمل عندي أن الفاحشة هي المعاصي المتعدية للغير، والظلم هو المعاصي القاصرة على النفس، وهو أحد تفسيري الزمخشري: في قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ).
قوله تعالى: (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
المكلف تارة بفعل الذنب ويستغفر منه وينوي أنه لَا يعود إليه، وتارة لَا يستحضر ذلك ونفي الإصرار يعم الوجهين.
ابن عرفة: ما أفاد قوله (وَلَمْ يُصِرُّوا) بعد قوله تعالى: (ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) وهو يعني عنه لحديث ما أصرَّ من استغفر، فالجواب عنه مثل ما أجاب به الفخر في قوله تعالى: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) أي لم يصروا على ما فعلوه في المعاصي، وحالهم في المستقبل أنهم لو فعلوا فاحشة يستغفروا الله منها.
الصفحة 418
464