كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)
قوله تعالى: (إِنَّ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ).
ابن عرفة: فعل الشرط مستقبل، وهو هنا ماضي؛ لأن مس القرح لهم قد وقع ومضى، وحينئذ فترجع إلى السبب؛ لأن المس سبب في التألم، وهو دائم مستمر في المستقبل معناه: إن ينالكم تألم في المستقبل بسبب مس القرح، فقد مس القوم قرح مثله.
ابن عرفة: وجواب الشرط إما المذكور بعينه أو لازمه ولكم في الكفار أسوة وسبيل، فقد نالكم مثل ذلك، قال وعادتهم يقولون: ما الفرق بين المس والإصابة قال تعالى: (إِنَّ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ) والظاهر أن الإصابة أعم لصدقها على الحسي والنظري، ولذلك تكلم الأصوليون على اختلاف هل كل مجتهد مصيب، أم لَا؟ مع أنه حكم نظري، والمس في المحسوسات يقول مس كذا، ولذلك فرق ابن رشد في المقدمات بينه وبين اللمس فجعل اللمس لَا يكون إلا عن قصد، يقول تماس الحجران، والمس يكون مقصودا وغير مقصود، فلا يطلق إلا على الأمور الضرورية المحسوسة فعبر هنا بالأخص في باب التسلي؛ ليكون أبلغ، وأنشد ابن عطية قول لخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
ولا يبكون مثل أخي ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي
قال والتأسي بالنَّاس هو النفع الذي يجره إلى نفسه الشاهد المحدود، فلذلك ردت شهادته فيما حد فيه، وإن تاب وحسنت حاله.
ابن عرفة: يريد الذي زنا وحده في الزنا لَا يقبل شهادته على أحد بالزنا؛ لأنا نتهمه أنه رمى غيره بالزنا لكي [يتسلى به*]؛ لأن الزاني يود أن يكون النَّاس كلهم زناة.
ابن عرفة: وحكي أن طفلا أحدب عيره النَّاس فاشتكى إلى أمه فقالت: إذا دخلت الجنة يعير كل من عيرك أحدب، وتكون أنت وحدك مستوي القامة، فقال لها: لقد زدتيني غما وهما، إذ جعلتيني في الجنة خارجا منها وأنا في الدنيا كذلك.
ابن عرفة: وخلط ابن عطية: وحكم للمجاور حرف الخلق. لأن ما وسطه حرف حلق، يجوز فتحه وتسكينه، باتفاق وما أخره حرف حلق فيه خلاف بين البصرين والبغداديين فشبه هو القرح لقولهم: أنا محموم.
الصفحة 421
464