كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)
هو أشد من ذلك لَا يجب عمن له بوجه، ابن عطية: وصفه المشاور في الأحكام كونه عالما دينا، والمستشار في أمور الدنيا كونه عاقلا مجربا.
ابن عرفة: دينا أيضا لئلا يخدعه ولا ينصحه، وقد ورد "الدين نصيحة".
قيل لابن عرفة: في زمانه فمنهم من أجاز الاختيار والتعليم، فقال: هذا لم يقله أحد، وإنَّمَا الخلاف في اجتهاد محضره، وهو يسمع من غير أن يسأله أحد منهم وتسديده بذلك، وأما هو فمجتهد في نفسه ويخبرهم بما ظهر له فيمتثلونه؛ لأنه سألهم.
قال ابن عرفة: والآية دالة على اعتبار الأسباب العادية، وهل تدل على أن السبب ما ينافي التوكل، وهو الظاهر والنَّاس على ثلاثة أقسام: فقوم من المتصرفين أفرطوا وتركوا الأسباب وتوكلوا، وآخرون اعتبروا الأسباب فقط، وآخرون فعلوا الأمرين، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم لصاحب الناقة "اعقلها وتوكل".
قال ابن عرفة: واتخاذ السبب عندي أولى وأقرب لمقام التوحيد؛ لأن من أكل وتوكل أكثر توحيد ممن ترك الأكل وتوكل؛ لأن الجوع والشبع بخلق الله تعالى، لا بالأكل وعدمه؛ لأن الذي أكل يؤخذ أنه من جهتين: لأنه يعتقد أن قدرة الله متعلقة بخلق ذلك الشيء المأكول، ويخلق الشبع له عند أكله إياه، والذي لم يأكل معتقد تعلق القدرة بشيء واحد وهو الشبع فقط.
قوله تعالى: {إِنَّ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ... (160)}
ابن عرفة: دون أي إشارة لتساوي الأمر، وأن نصرتهم وخذلانهم يالنسبة إلى قدرته متساويان، وليس أحدهما أرجح من الآخر، فإِن قلت: هلا قيل: (إِنَّ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ) تنصروا وتظفروا، أو أنتم الغالبون؛ لأنه أصرح في تغلبهم على عدوهم، ولفظ الآية ليس بصريح في غلبهم لعدوهم بل بنفي، وهو أن لَا تغلبوا ولا تغلبوا، قال: وتقدمنا الجواب عنه: بأنه حذف جواب الشرط، وذكر ما يستلزمه والتقدير: إن ينصركم الله ظفرتم ولا غالب لكم، ولو قيل: ظفرتم فقط، لما أفاد انتصارهم في
الصفحة 437
464