كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)
المستقبل، فقيل: هذا تنبيه على ظفرهم بعدوهم في الحال والاستقبال، أي إن ينصركم الله على عدوكم انتصرتم عليه في الحال، ولا يغلبكم بعد ذلك [أحد*]، إن الله معكم، فذكر ظفرهم بعدوهم في الاستقبال بالطائفة وفي الحال باللزوم، وتقدير الثاني: [وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ*] هزمتم، (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)، وأجيب: أيضا بأن نصرة الله بأحد الوجهين: إما بأن يغلبوا عدوهم، وإما بممانعة حتى يساوونه ولا يغلبهم أحد، وذلك إذا كان أكثر منهم، وأشد قوة، وهم في غاية الضعف، فينصرهم الله عليهم، بمعنى أنه يمنعهم من غلبتهم، وإن قلت في الثاني: (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) فلا ناصر لكم، فالجواب: إذا كان المخاطب موافقا على ما خوطب به، فيؤتى بخطابه بحرف الاستفهام.
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ... (161)}
قرئ [(يُغَلَّ)، وهو من الغلول، بمعنى الخيانة في الغنيمة وغيرها، وقرئ (يَغُلَّ)] وهو من غل يغل، وهو من الغل، بمعنى الحسد والحقد، وحكى ابن عطية عن الضحاك، أن سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث طلائع في بعض غزواته، ثم غنم قبل مجيئهم، فقسم للغانمين، ولم يقسم للطلائع فأنزل الله هذه الآية [عليه عتابا*] [**فصرفه عن الجبال معنى، والتقديرية للجهات وهذا قبيح]، ومبادرته لما فيه من التعرض لمقامه والمناقضة، لقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى).
ابن عرفة: والصواب عندي فيه آخر، وهو أن يبقي على حقيقته، ويكون المراد أن جميع ما صدر منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس بغلول؛ لأنه شرع في أفعاله كلها، لَا غلول فيها بوجه، وإن كان ظاهرها الغلول لمن أراد، ويمنع منهم من رد قراءة (يغل) يعني، ما كان له أن يصور فإلا، أي لَا ينبغي أن يعتقد فيه الغلول بوجه.
ابن عرفة: ويصح العكس، وهو رد يُغل إلى يَغل، ويكون فعل على حذف مضاف، وما كان لتابعي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يَغل فإذا لم يَغل [تابعه*] صدق أنه لَا يُغل، وهذا على سبيل النهي.
قوله تعالى: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
الصفحة 438
464