كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)

نعمته، وعبر عن المؤمنين بالاسم والكافرين بالفعل إشارة إلى أن ذلك الوعد إنما هو لمن ثبت له الإيمان في قلبه وفي ظاهره، وأما الوعيد فهو لمن اتصف بأدنى شيء من النفاق فجرت الأولى مجرى الأمر، والثانية مجرى النهي، وفي الحديث: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا".

قوله تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ... (167)}
قال أبو حيان: لَا يصح تعلق المجرورين بـ أقرب.
ابن عرفة: يقول المعنى (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ) في حالهم إلى الإيمان، أو أقرب منهم مستقلين أو موجهين إلى الإيمان في موضع الحال.
قوله تعالى: (يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)، نقيضه وهنا إنما عبر عن الأعم فيكون المعنى أنهم يعلمون نفي ذلك.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ).
يستحيل عليهم بالكفر.

قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا ... (168)}
وذكر أبو حيان في إعرابه وجها ابن عرفة: اللام للتعليل وإخوانهم الموتى، أو للتعدية وإخوانهم الأحياء، وذكر أبو حيان في إعرابه وجها وزاد ابن عرفة بأن يكون مبتدأ وخبره (قُلْ فَادْرَءُوا) والرابط محذوف، أي قل لهم.
قال الزمخشري: فإن قلت: فقد كانوا صادقين في دفعهم القتل عن أنفسهم بالقعود، ثم أجاب بوجهين:
الأول: أن النجاة من القتل يجوز أن يكون سببا للقعود، وأن يكون غيره، وقد تكون المقاتلة والوقوف سببا للنجاة، ورده ابن عرفة: بأن قولهم: (لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا) موجبة جزئية، إما نقيضها سالبة كلية، وإما السالبة الجزئية نقيضها بوجه، قلت: يريد أنه لَا يكون ردا له، إلا لو كان القعود ليس سببا للنجاة مطلقا، فحينئذ يتم الرد عليهم بذلك مع أنه تارة وتارة، الجواب المعني أنه قيل لهم: لو أطاعوكم لقتلوا قاعدين، فإِن قلت: لم يدعوا نفي الموت وإنما نفوا القتل، فلما قيل لهم: (فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ)، فالجواب: أن الموت أعم فإذا عجزوا بالأعم دخل في صحبة الأخص، وصيغة أفعل التعجيز وقوله: (ادرَءُوا) ولم يقل: لَا تموتن إشارة إلى

الصفحة 442