كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)
قوله تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ).
على قراءة الكسر.
قال ابن عرفة: ويحتمل أن يكون جملة اعتراض، وغالب ظني أن في صحة كونها بالواو خلاف ومنه قوله:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... ولو خالها تخفى على النَّاس تعلم
كذلك قوله تعالى: (إِنَّ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتبِعُوا الْهَوَى) جعلوا الجواب (فَلا تَتبِعُوا الْهَوَى).
قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ ... (172)}
استجاب إذلال له عن، وأجاب بالموافق، وأما أجاب فمطلق يتناول الإتيان بالموافق والمخالف.
قوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا).
ابن عرفة: هو على التوزيع، فمنهم من يبلغ درجة الإحسان كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومنهم من هو دون ذلك فهو في رتبة المتقين كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وأمثالها.
قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ... (173)}
قال الزمخشري: الفاعل عائد على القول، أبو حيان: أو على لفظ النَّاس؛ لأن الجمع يزاد على لفظه فيفرده الغير، ومعناه فنجمع.
ابن عرفة: وأيضا فهو اسم جمع لَا جمع فإفراد ضميره أسهل من إفراد ضمير الجمع.
ابن عرفة: وانظر حيلة هذا القائل إذا لم يبالغ أن تأكيد خبره فأكده بـ إن فقط، ولم يؤكد مع ذلك باللام خشية أن يتفطن ويحترز منه فجاء به لمقام التوسط ليكون ذلك ادعاء لتصديقه وقبول خبره، وقوله تعالى: (فَزَادَهُمْ إِيمَانًا).
قال ابن عرفة: هذا يشبه قلب النكتة وهو الاحتجاج بدليل الخصم على نقيض دعواه فكذلك هذا المخبر أراد بقوله: أن يثبطهم عن الخروج للقتال فكان ذلك سببا في تحريضهم على الخروج والمقاتلة، وحكى ابن عطية: الخلاف في زيادة الإيمان،
الصفحة 444
464