كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)

فقيل: باعتبار كثرة الدلائل، وقيل: باعتبار الأعمال، وقيل: باعتبار نزول السور والأحكام شيئا فشيئا فمنهما ورد على شيء منها آمن به، وقال أبو المعالي: الإيمان عرض لَا يبقى زمانين فخلف بعضه بعضا.
ابن عرفة: والتحقيق أن القدر المجزئ منه لَا يزيد ولا ينقص، والإيمان الكامل يزيد وينقص، قيل له: القول زيادة معلومة، وفي نسخة ملزومة لاجتماع الأمثال في محل واحد فقال: قد قال إمام الحرمين: إنه عرض لَا يبقى زمانين فلا يجتمع الأمثال بوجه قال: والآية تدل على أن الزيادة في نفس الإيمان لَا باعتبار الأعمال؛ لأن حين هذا كانوا جلوسا غير منتصبين للقتال، فزادهم ذلك خشية وإيمانا وفرة في الاعتقاد القلبي، ثم بعد ذلك تحركوا للخروج والمبارزة، وحكى ابن عطية: أن المسلمين تحرجوا من الخروج، ومحكي في السير أنهم اختلفوا فمنهم من عزم على الخروج وهان عليه، ومنهم من شق ذلك عليه.

قوله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ... (175)}
أبو حيان: إن أريد الشيطان بنفسه فهو إما علم لإبليس أو صفة؛ لأن الوصف العلم قد يخرج على ..... سماع الصفة.
قوله تعالى: (يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ).
قيل: المعنى يخوفكم أولياءه، وقيل: يخوف أولياءه من أشياء.
ابن عرفة: وعلى الثاني يكون فلا تخافوهم التفاتا وفيه بعد؛ لأنه لَا يلتفت من الغيبة إلى الخطاب إلا قصد الإقبال على المخاطب، وهؤلاء منافقون فيهم مبعدون مطرودون، وإن أريد بالخطاب المؤمنون فظاهر لكن يجيء فيه تفكيك الضمائر، والمعنى فلا تخافوهم وتقعدوا عن الخروج وخافوا وأخرجوا إلى القتال (إِنَّ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
قوله تعالى: (إِنَّ كُنْتُم).
تأسيس على أن الخطاب يكون للمنافقين وتأكيد على أنه للمؤمنين.

قوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ ... (176)}
من باب [لَا أرينك هاهنا*] إلا في باب لَا يعم؛ لأن النهي بها للفاعل، وفاعل الأحزاب غير من خوطب فالمعنى لَا تحزن فيحزنك.

الصفحة 445