كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)

ابن عرفة: ومن حيلتهم ودهائهم بالكتاب تأكيدهم نسبة الفقر إلى الله تعالى وعدم تأكيدهم نسبة الغناء إلى أنفسهم كان ذلك عندهم أمر جعلي وحق بين لأمر به فيه.
قوله تعالى: (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ).
إما أنه على حذف مضاف أي وقتلهم آبائهم الأنبياء بغير واو إما أنه نسب إليهم فعل القتل مجازا لرضاهم بفعل آبائهم، فيتعارض فيه المجاز والإضمار، وفيه ثلاثة أقوال ثالثها أنهما سواء.
قوله تعالى: (بِغَيْرِ حَقٍّ).
أي بلا شبهة ولا دليل.

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ... (182)}
مع أنهم تقدم منهم العصيان بالقول والفعل، ثم ذكر هنا أنهم عوقبوا بسبب الفعل فقط، فالجواب: إما بأن المراد بالأيدي الكسب أي مما كسبتم وافترقتم فيتناول القول والفعل، وإما بأن القول في الوجود أكثر من الفعل، فإذا عوقبوا بسبب الأخص للأقل دل على العقوبة على ما فرقه من باب أحرى قيل له: بل الفعل أشد من القول فقال: لا بل القول أشد بدليل الكفر فإنه قولي، أي ذلك بسبب حرمكم وعدل إليه.

قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ... (183)}
ابن عرفة: في الآية إشكال وهو أن اليهود ينكرون النسخ كذا نقل عنهم الأصوليون، وهذا القول إقرار منهم بالنسخ لاقتضائه أن شريعته تنسخ إذا أتاهم رسول بقربان تأكله النار، وقد أتاهم كثير من الأنبياء وقتلوهم، قيل لهم: هم أنبياء لَا رسل، أو هم رسل أتوا بشريعة موافقة لشريعتهم لَا مخالفة، فرده ابن عرفة: بأن هذه مقالة منهم مع محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد أتاهم بشريعة ناسخة لشريعتهم، وكذلك عيسى عليه السلام من قبله.
قوله تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ).
أي بالمعجزات وبالذي قلتم هي الآية المقترحة التي إن خالفوا بعدها عجلوا بالعقوبة وليس المراد نفس أمر ما قيل لما قالوا، لأن الذي قالوا لم يقع.

قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ... (185)}
قال ابن عطية: نزلت تسلية له صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

الصفحة 450