كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)

ابن عرفة: بل وعيد لهم، وإنما التسلية بقوله تعالى: (فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) ثم عقبه ببيان أنهم يموتون ويصير كل فريق إلى قدر له من الثواب والعقاب.
ابن عرفة: والدليل على أن الآية إنذار ووعيد للجميع.
قوله تعالى: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ).
الزحزح يقتضي أن الأصل مماسة النار وملاصقتها للجميع قال تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا)، وقال بعض المتصوفة: ليس العجب ممن هلك كيف هلك، إنما العجب ممن سلم كيف سلم.
قال ابن عرفة: وهذا عام باق على عمومه، إن قلنا: إن ذات الله لَا مطلق عليها نفس وإن جوز ما إطلاق النفس عليها أخذا بظاهر قوله تعالى: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)، فيكون مخصوصا قيل له: الأرواح للنفس قال الفخر: ويتناول الجمادات فرده ابن عرفة: بقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ) وبأن الموت إنما مصدق على من يقتل الحياة، قال: إلا أن يريد بالنفس الذات ويجعله من قسم السلب مثل الحائط لَا يبصر إلا من قسم العدم، والملكة مثل: زيد لَا يبصر، قال: وذكر الأصوليون والمناطقة والنحويون الكل والكلي والكلية، فالكل: الحكم على المجموع من حيث هو مثل: ... ، والكلي: هو ما لَا يمنع نفس تصور معناه من وقوع الحركة فيه مثل: الإنسان حيوان، والكلية: هي الحكم على المجموع باعتبار تتبع الأفراد، مثل كل إنسان حيوان موجود في زمن، وهذه الآية من قسم الكلية بحسب التمثيل بها.

قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ... (186)}
قال ابن عطية: هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولسائر أمته. ابن عرفة: لَا ينبغي إدخال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا [الخطاب*]؛ لأن هذا الخطاب تهيئة الصبر على المصائب، وتوطين النفس عليها ليكون المخاطب على هيئة خشية أن يلحقه خوف وهلع، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممن لا يتأتى لمثل ذلك، وقد قال: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى".

الصفحة 451