كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)

ابن عرفة: يؤخذ منها أن الحوز دليل الملك، وأن ملك الظرف يستلزم ملك المظروف؛ لأنه مالك لما في السماوات وما في الأرض بإجماع فجعل هنا ملكها مستلزما لملك ما فيها، واستغنى بذكره عنه، وذكره في كتاب الصلاة في باب الإمامة: إذا رجلين راكبين على بهيمة فادعياها معا أنها لمن ركب في مقدمتها، قيل: وإن كان المتأخر أعمى، قال: نعم، قاله ابن الهندي، وانظر آخر البقرة، وقوله تعالى: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، حكى ابن عرفة عن ابن الباقلاني أنه عام مخصوص بالمستحيل.
ابن عرفة: فظاهر أن المستحيل يطلق عليه شيء وأكثر الأصوليين كالتلمساني، وغيره منعوا ذلك وبعضهم جوز الإطلاق، وحكى الآمدي مسألتين:
أحدهما: هل يطلق على المعدوم شيء أم لا، [ولا يبنى عليه*] كفر ولا إيمان؟
والثاني: هل المعدوم تقرر في الأزل أم لَا؟، فنحن ننفيه وهم يثبتونه، ويلزمهم قدم العالم.
ابن عرفة: في الثاني ليس المحال شيء باتفاق، وعلى الأول هو شيء، قال: [تاج الدين في الحاصل*] والسراج في اختصار المحصول: اتفق أهل السنة والمعتزلة على أن المعدوم المستحيل لَا يطلق عليه شيء، وإنما الخلاف في المعدوم الممكن، وحكى الشيرازي شارح ابن الحاجب الإجماع أنه لَا يستحيل شيء، وحكى الأصبهاني شارح ابن الحاجب أن المستحيل شيء نكرة في باب المستحيل للعام والخاص، لما ذكر ابن الحاجب التخصيص، وذكر هذه الآية تعقبها، قال الأصبهاني: إنها مخصوصة بواجب الوجود والمستحيل، فظاهر صحة إطلاق لفظ شيء يدل عليه، وقال الشيرازي: في حد القياس حمل معلوم إنما لم يقل: حمل شيء لدخل المعدوم، والممكن عندنا والمستحيل عندنا، وعند المعتزلة فظاهره الاتفاق على أنه ليس شيء، وكذا قال ابن التلمساني في شرح المعالم الدينية، وظاهر كلام ابن التلمساني في شرح المعالم الفقهية في حد القياس المعدوم ليس بشيء، فإنه قال حمل معلوم على معلوم، ثم قال: وإنما لم يقل: حمل شيء ليدخل المعدوم، قيل لابن عرفة: وحاصل عند الأصوليين، فقال فإما بذاتها فليس بشيء، لأنها لَا موجودة ولا معدومة، وإما باعتبار من شيء تابعة له فهو شيء.

قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... (190)}

الصفحة 454