كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)
الفسق من الخلفاء، وتعدى الحدود فإن الإنسان يهاجر من البلد التي فسقهم فيها بأشدها إلى التي فسقهم فيها بأحقها والعطف فيما بين الأول والثاني تدلي، وفيما بعده ترقٍ.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ).
على أنه الله تعالى وعدهم أكثر من ذلك فلا تعلم نفس ما أخفي لهم، فليس لهم عند الله ذلك الثواب فقط، بل ثواب جزيل أعظم منه.
قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)} مَتَاعٌ قَلِيلٌ).
نقل ابن عرفة كلام الزمخشري، ثم قال: حاصله أن الأمر الملائم إذا اعتبر من حيث ذاته مع قطع النظر عن عاقبته ومآله غرور، وإن روعي مآله فليس بغرور، وهو معنى قوله تعالى: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا).
قال الزمخشري: وهو من إقامة السبب مقام المسبب، والمعنى لَا يغير بتقلبهم فيعزل نقلهم مثل لَا أرينك هاهنا، أي: لَا تكن هنا فأراك، الزمخشري: وروي أن [أناسا من المؤمنين كانوا يرون ما كانوا فيه من الخصب والرخاء ولين العيش فيقولون: إن أعداء اللَّه فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد*] (¬1) فنزلت.
ابن عرفة: فالخطاب على هذا للمؤمنين لَا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قوله تعالى: (مَتَاعٌ قَلِيلٌ).
حذف [المبتدأ] (¬2) هنا لكون الخبر لَا يصح إلا له، أي ذاك متاع أو هو متاع، الزمخشري: وقلته إما بالنسبة إلى ثواب الأبرار.
ابن عرفة: هو بالنسبة إليه عدم فتكون كقول سيبويه قل رجل يفعل كذا، وأنشد:
مررت بأرض قل ما ينبت البقل
قوله تعالى: {اتَّقَوْا رَبَّهُمْ ... (198)}
أسند التقوى إليه معبرا عنه بلفظ الرب دون لفظ الإله؛ لأنهم إذا اتقوه مع استشعار الحنان والشفقة، فأحرى أن يتقوه مع استحقار العقاب ويجري أعربه مكي حالا من الضمير الفاعل، فلهم بناء على أنه خبر وجنات مبتدأ.
قوله تعالى: (نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ).
¬__________
(¬1) سقط تم جبره من الكشاف. اهـ.
(¬2) سقط تم جبره من الكشاف. اهـ.
الصفحة 459
464