كتاب تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة (اسم الجزء: 1)
ابن عرفة: من عنده معنى ثالثا، قال: صابروا بعضكم بعضا، أي ليقصد كل واحد منكم أن يكون أصبر من صاحبه على الحروب والجهاد، وأصبر من أشجع أصحابه وأمنع، أي: ليخرجنكم كل واحد على أن يكون صبره على الجهاد أشد من صبر أصحابه المسلمين عليه.
قوله تعالى: (وَرَابِطُوا).
قال ابن عطية عن ابن المواز: المرابط هو الذي يشخص لثغر من الثغور ليرتبط فائدة بإسكان الثغور دائما بأهليهم، فليسوا بمرابطين، ولما نقله الباجي في أواخر كتاب الجهاد قال: الظاهر أنه مرابط، وإن أقام بأهله.
ابن عرفة: وهو الصحيح ألا ترى أن مالكا قال في المدونة: [ولا بأس أن يخرج الرجل بأهله إلى مثل السواحل، ولا يذهب بهم إلى دار الحرب في الغزو، إلا أن يكون في عسكر عظيم لَا يخاف عليهم لِقِلَّتِهِمْ*].
ابن عرفة: كان الأمير أبو الحسن المديني إذا خرج للجهاد يجب على من عنده زوجة حرة وجارية فيضطره إلى خروج الحرة معه، وإذا كان الإنسان يؤجر على اللقمة فيجعلها في فم امرأته كما في الحديث الصحيح، فأحرى أن يؤجر على مجاهدته على امرأته، وكذلك في الرباط فإنه يكون حرص الأنساب حينئذ على السلامة أشد؛ لأنه يقاتل عن نفسه رعن حريمه وعن المسلمين.
قوله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ).
حجة للمتأخرين في أن المتقي أخص من المؤمن؛ لأن ما في المقصود أخص وصف التقوى والترجي بفعل صروف للمخاطب ونبه المفسرون في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)، ثم قال: (لَعَلُّكُمْ تَتَّقُونَ).
انتهى المجلد الأول ويليه المجلد الثاني
وأوله
سُورَةُ النِّسَاءِ
ولله الحمد والمنة
* * *
الصفحة 461
464