كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 1)

نَفَقَةً لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ فَرَفَعَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْقَاضِي فَكَتَبَ إلَى عَالِمٍ يَرَى فِي التَّفْرِيقِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَهَلْ تَقَعُ الْفُرْقَةُ؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: نَعَمْ إذَا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ النَّفَقَةِ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ، فَإِنْ رُفِعَ هَذَا الْقَضَاءُ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَجَازَ قَضَاءَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَضَاءَ لَيْسَ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَجْزَ لَمْ يَنْبُتْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

إذَا خَاصَمَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي نَفَقَةِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ وَقَبْلَ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي لَهَا نَفَقَةَ مَا مَضَى عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ اسْتَدَانَتْ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالتَّرَاضِي فَاتَّفَقَتْ لَا تَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا بَلْ تَكُونُ مُتَطَوِّعَةً بِالْإِنْفَاقِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْج غَائِبًا، أَوْ حَاضِرًا، وَلَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا بَعْدَ الْفَرْضِ أَوَالتَّرَاضِي لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا إذَا اسْتَدَانَتْ عَلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَتْ اسْتِدَانَتُهَا بِإِذْنِ الْقَاضِي، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ غَيْرَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهَا خَاصَّةً، وَلَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ أَنْ يُطَالِبَ الزَّوْجَ بِمَا اسْتَدَانَتْ، وَإِنْ كَانَتْ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَهَا أَنْ تُحِيلَ الْغَرِيمَ عَلَى الزَّوْجِ فَيُطَالِبَهُ بِالدَّيْنِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا عَلَى الزَّوْجِ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا، أَوْ تَرَاضَيَا عَلَى نَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ، فَمَضَتْ أَشْهُرٌ، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ، وَقَدْ كَانَتْ اسْتَدَانَتْ فَأَنْفَقَتْ، أَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ سَقَطَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا فِي هَذَا الْوَجْهِ يَسْقُطُ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَاتِ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي النَّفَقَةَ، وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالِاسْتِدَانَةِ، وَأَمَّا إذَا أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَاسْتَدَانَتْ.
ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا تُرَدُّ النَّفَقَةُ الْمُعَجَّلَةُ، وَلَوْ قَائِمَةً لِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، أَوْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَعَلَى هَذَا الْكِسْوَةُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ أَعْطَى النَّفَقَةَ لِلَّتِي طَلَّقَهَا ثَلَاثَةً فِي عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ لِيَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَةِ، فَلَمْ تُزَوِّجْ نَفْسَهَا مِنْهُ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ: إنْ أَعْطَى النَّفَقَةَ وَشَرَطَ فَقَالَ: أُنْفِقُ عَلَيْكَ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجِينِي فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ، أَوْ لَمْ تُزَوِّجْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا كَانَ حَالُ الزَّوْجِ فِي الْعُسْرِ مَعْلُومًا لِلْقَاضِي فَالْقَاضِي لَا يَحْبِسُهُ هَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَسَأَلَتْ الْمَرْأَةُ حَبْسَهُ بِالنَّفَقَةِ لَا يَحْبِسُهُ الْقَاضِي فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَلَكِنْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ وَيُخْبِرُهُ أَنْ يَحْبِسَهُ إنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ عَادَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً حَبَسَهُ الْقَاضِي، وَكَذَا فِي دَيْنٍ آخَرَ

الصفحة 551