كتاب معرفة السنن والآثار للبيهقي - العلمية (اسم الجزء: 1)

قال أحمد : وفي مثل هذا والله أعلم ورد عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كفى بالمرء كذبا - وفي رواية أخرى - إثما أن يحدث بكل ما سمع.
وروينا أيضا عن عمر وعبد الله بن مسعود من قولهما وقال مالك بن أنس ليس يسلم رجل يحدث بكل ما سمع ولا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع.
قال أحمد : وفي هذا ما دل على أنه ينبغي لصاحب الحديث أن يمسك عن رواية المناكير ويقتصر على رواية المعروف ويتوقى فيها ويجتهد حتى تكون روايته على الإثبات والصحة وبالله التوفيق.
وقد قال الشافعي في كتاب حرملة : أخبرنا سفيان قال حدثنا بيان بن بشر عن الشعبي عن قرظة بن كعب قال شيعنا عمر بن الخطاب إلى ضرار فتوضأ مرتين مرتين ثم قال تدرون لما شيعتكم ؟ قالوا نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : إنكم تأتون أهل قرية لهم بالقرآن دويا كدوي النحل فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم امضوا وأنا شريككم قالوا : فأتوا قرظة فقالوا حدثنا فقال نهانا عمر.
أَخْبَرَنَاه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال سمعت سفيان بن عيينة يحدث فذكره بإسناده نحوه.
وقوله امضوا وأنا شريككم يقول والله أعلم وأنا أفعل ذلك ويقول أقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحين رخص في القليل منه دل أنه نهاهم عن الإكثار مخافة الغلط لما فيه الغلط من الإحالة ورخص في القليل منه على الإثبات عند الحاجة وأمرهم بتجريد القرآن عند عدم الحاجة إلى الرواية لأن القوم كانوا رغبوا في أخذ القرآن فلم يرد اشتغالهم بغيره قبل استحكامه شفقة منه على رعيته والله أعلم.

الصفحة 83