إن تنزعا وله فضيلة سبقه … فبمثل شأو أبيك لم يتعلّق
ولئن لحقت به على ما قد مضى … من بعد غايته فأحج وأخلق
ويشبه هذا المعنى قول المؤمّل بن أميل الكوفىّ المحاربىّ يمدح المهدىّ فى حياة المنصور:
لئن فتّ الملوك وقد توافوا … إليك من السّهولة والوعور (¬1)
لقد فات الملوك أبوك حتّى … بقوا من بين كأب أو حسير (¬2)
وجئت وراءه تجرى حثيثا … وما بك حيث تجرى من فتور
¬__________
(¬1) خبر هذه الأبيات فى أمالى الزجاجى: 60 - 62: «وفد المؤمل بن أميل على المهدى بالرى فامتدحه، فأمر له بعشرين ألف درهم؛ فاتصل الخبر بالمنصور؛ فكتب إليه يعذله ويقول: إنما كانت سبيلك أن تأمر للشاعر بعد أن يقوم ببابك سنة بأربعة آلاف درهم؛ وكتب إلى كاتبه بإنفاذ الشاعر إليه، فسأل عنه فقيل له: قد شخص إلى مدينة السلام، فكتب إلى المنصور بخبره، فأنفذ المنصور قائدا من قواده إلى النهروان يتصفح وجوه الناس؛ حتى وقع بيده المؤمل، فأتى به المنصور، فقال له: أتيت غلاما غرا فخدعته! قال: نعم يا أمير المؤمنين! أتيت غلاما غرا كريما فخدعته فانخدع لى؛ فكأن ذلك أعجبه، فقال له: أنشدنى ما قلت فيه؛ فأنشده:
هو المهدىّ إلّا أنّ فيه … مشابه صورة القمر المنير
تشابه ذا وذا فهما إذا ما … أنارا مشكلان على البصير
فهذا فى الظّلام سراج نار … وهذا فى النّهار سراج نور
ولكن فضّل الرّحمن هذا … على ذا بالمنابر والسّرير
وبالملك العزيز فذا أمير … وماذا بالأمير ولا الوزير
ونقص الشّهر يخمد ذا وهذا … منير عند نقصان الشّهور
فيا ابن خليفة الله المصفّى … به تعلى مفاخرة الفخور
لئن فت الملوك ...
فقال: أحسنت، ولكن لا يساوى عشرين ألف درهم، ثم قال: أين المال؟ فقال: ها هو ذا، قال يا ربيع: أعطه منه أربعة آلاف درهم، وخذ الباقى، ففعل؛ فلما صارت الخلافة إلى المهدى رفع المؤمل إليه يذكر قصته، فضحك، وأمر برد المال إليه، فرد».
(¬2) الكابى: المتغير اللون، والحسير: المعيي.