كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

[2] مجلس آخر «*» [المجلس الثاني]
تأويل آية [وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ... ]
قال الله تعالى (¬1): وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 85].
وقد ظنّ قوم من غفلة الملحدين وجهّالهم أن الجواب عمّا سئل عنه فى هذه الآية لم يحصل، وأن الامتناع منه إنما هو لفقد العلم به، وأن قوله تعالى: وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا تبكيت وتقريع لم يقعا موقعهما؛ وإنما هو (¬2) على سبيل المحاجزة والمدافعة عن الجواب.
وفى هذه الآية وجوه من التّأويل تبطل ما ظنّوه، وتدلّ على ما جهلوه؛ أولها:
أنّه تعالى إنما عدل عن جوابهم لعلمه بأنّ ذلك ادعى لهم إلى الصلاح فى الدّين، وأن الجواب لو صدر منه إليهم لازدادوا فسادا وعنادا؛ إذ كانوا بسؤالهم متعنّتين (¬3) لا مستفيدين؛ وليس هذا بمنكر؛ لأنّا نعلم فى كثير من الأحوال ممن (¬4) يسألنا عن الشّيء أنّ العدول عن جوابه أولى وأصلح فى تدبيره.
وقد قيل إن اليهود قالت لكفار قريش: سلوا محمدا؛ عن الرّوح فإن أجابكم فليس بنبىّ؛ وإن لم يجبكم فهو نبىّ؛ فإنّا نجد فى كتبنا (¬5) ذلك؛ فأمره الله بالعدول عن ذلك ليكون علما له ودلالة على صدقه، وتكذيبا لليهود الرادّين عليه؛
وهذا جواب أبى عليّ محمد بن عبد الوهاب الجبّائىّ (¬6).
¬__________
* ف: «مجلس ثان»، وفى حاشيتى الأصل، ف: «هذا المجلس مما افتتح به الكتاب، على ما وجد فى بعض النسخ».
(¬1) ف: «إن سأل سائل عن قوله تعالى».
(¬2) ف: «هما».
(¬3) فى ت، حاشية الأصل (من نسخة): «معنتين»، وفى حاشية ف: «أعنت: أتى بالعنت».
(¬4) فى ت، حاشية الأصل (من نسخة): «فيمن».
(¬5) حاشية ت (من نسخة): «كتابنا».
(¬6) حاشية ف: «أبو على من قرية يقال-

الصفحة 11