كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

وثانيها أن القوم إنما سألوه عن الرّوح: هل هى محدثة مخلوقة أو ليست (¬1) كذلك؟
فأجابهم إنها من أمر ربى، وهو جوابهم عما سألوه (¬2) عنه بعينه؛ لأنّه لا فرق بين أن يقول فى الجواب: إنها محدثة مخلوقة، وبين قوله إنها من أمر ربّى؛ لأنه إنما أراد أنها من فعله وخلقه، وسواء على هذا الجواب أن تكون الرّوح التى سألوا عنها هى التى بها قوام الجسد أم عيسى عليه السلام، أم جبرئيل صلى الله عليه. وقد سمّى الله تعالى جبرئيل روحا، وعيسى أيضا مسمّى بذلك فى القرآن.
وثالثها أنهم سألوا عن الرّوح الّذي هو القرآن، وقد سمّى الله القرآن روحا فى مواضع من الكتاب؛ وإذا كان السؤال عن القرآن فقد وقع الجواب موقعه، لأنه قال لهم:
الروح (¬3) الّذي هو القرآن من أمر ربّى، ومما (¬4) أنزله على نبيه صلى الله عليه؛ ليجعله دلالة وعلما على صدقه، وليس من فعل المخلوقين، ولا ممّن يدخل فى إمكانهم؛ وهذا جواب الحسن البصرىّ.
ويقويه قوله/ تعالى بعد هذه الآية: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا. [الإسراء: 86]. فكأنّه قال تعالى: إن القرآن من أمرى وفعلى (¬5) وممّا أنزلته علما على نبوّة رسولى، ولو شئت لرفعته وأزلته وتصرّفت فيه؛ كما يتصرّف الفاعل فيما يفعله.
¬__________
- لها جباء؛ وهى من رستاق كارور من ناحية الأهواز، ويقال لأهل هذه الناحية الربعيون؛ لأنهم كانوا استنفروا ليقاتلوا الحسين عليه السلام، فجاءوا وقد فرغ من أمره، فطلبوا الأجرة، فقال ابن زياد: إنكم لم تبلوا بلاء، وأعطى كل واحد منهم ربع دينار. قال دامت أيامه: أخبرنى
بذلك العراقى العلوى البصرى».
وكانت وفاة أبى على هذا فى سنة 306. (وانظر ترجمته فى ابن خلكان: 480 - 481).
(¬1) ف، حاشية الأصل (من نسخة): «أم ليست».
(¬2) ت، ف: «سألوا عنه».
(¬3) حاشية الأصل (من نسخة): «إن الروح».
(¬4) ش: «وما أنزله».
(¬5) حاشية الأصل: «ليس فى الآية دليل على قوله: " وفعلى"؛ كتب هذا الشيخ عبد الرحيم البغدادى رحمه الله على حواشى نسخة السيد الإمام».

الصفحة 12