كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

الصّولىّ قال حدثنى يحيى بن على المنجّم قال حدثنى أبى قال: قلت للجاحظ: مثلك فى عقلك وعلمك بالأدب ينشد قول الفزارىّ ويفسّره على أنه أراد اللحن فى الإعراب! وإنما أراد وصفها بالظّرف والفطنة وأنها تورّى (¬1) بما قصدت له وتتنكّب التصريح به، فقال له:
قد فطنت لذلك بعد، فقلت (¬2): فغيّره من كتابك، فقال: فكيف بما سارت به الركبان! قال الصّولىّ: فهو فى كتابه على خطئه.

*** [خبر أسير بنى العنبر فى بكر بن وائل ورسالته إلى قومه وشرح ما فيه من كنايات]
/ ومن حسن اللحن الّذي هو التعريض والكناية ما أخبرنا به أبو الحسن عليّ بن محمد الكاتب قال: حدّثنا محمد بن الحسن بن دريد الأزدىّ أنّ رجلا من بنى العنبر حصل أسيرا فى بكر بن وائل، فسألهم رسولا إلى قومه فقالوا: لا ترسل إلا بحضرتنا؛ لأنهم كانوا عزموا على غزو قومه، فخافوا أن ينذرهم؛ فجئ بعبد أسود، فقال له: أتعقل؟ قال: نعم؛ إنى لعاقل، قال: ما أراك عاقلا، وأشار بيده إلى الليل فقال: ما هذا؟ فقال: هذا الليل، قال:
أراك عاقلا، ثم ملأ كفّيه من الرّمل فقال: كم؟ فقال: لا أدرى وإنّه لكثير. فقال:
أيّما أكثر؟ النجوم أم النيران (¬3)؟ فقال: كلّ كثير، فقال: أبلغ قومى التحية، وقل لهم:
ليكرموا فلانا- يعنى أسيرا كان فى أيديهم من بكر- فإنّ قومه لى مكرمون، وقل لهم:
إن العرفج قد أدبى (¬4)، وشكت النساء؛ وأمرهم (¬5) أن يعروا ناقتى الحمراء فقد أطالوا ركوبها، وأن يركبوا جملى الأصهب (¬6)، بآية ما أكلت معكم حيسا، واسألوا عن خبرى أخى الحارث.
فلما أدّى العبد الرسالة إليهم قالوا: لقد جنّ الأعور، والله ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملا أصهب، ثم سرّحوا العبد، ودعوا الحارث فقصّوا عليه القصّة، فقال: قد أنذركم،
¬__________
(¬1) ت، وحاشية الأصل (من نسخة): «تورى عما قصدت».
(¬2) حاشية الأصل (من نسخة): «قلت».
(¬3) م: «أم التراب».
(¬4) فى حاشيتى الأصل، ف: «العرفج:
جنس من الشوك، وأدبى الرمث إذا أشبه ما يخرج من ورقه الدبا، والدبا: صغار الجراد؛ وحينئذ يصلح أن يؤكل، والرمث: من مراعى الإبل؛ وهو من الحمض».
(¬5) فى نسخة بحواشى الأصل، ت، ف:
«ومرهم».
(¬6) فى حاشيتى الأصل، ف: «الأصهب: ما اختلط البياض بحمرته».

الصفحة 16