كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

على الذئب ثان (¬1)، فقال ذو الرّمّة: الكذب على الذّئب خير من الكذب على ربّ الذّئب.
وهذا الخبر صريح فى قوله بالعدل واحتجاجه عليه، وبصيرته فيه؛ فأما العيائل فهو جمع عيّل، وهو ذو العيال. والضرائك: جمع ضريك وهو الفقير.
قال الشريف المرتضى رضى الله عنه: وأخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال حدّثنا أحمد ابن محمد المكىّ عن أبى العيناء عن الأصمعىّ عن إسحاق بن سويد قال: أنشدنى ذو الرّمة:
وعينان قال الله كونا فكانتا … فعولان بالألباب ما تفعل الخمر (¬2)
فقلت له: «فعولين» خبر الكون، فقال لى: لو سبّحت ربحت، إنما قلت: «وعينان فعولان» وصفتهما بذلك. وإنما تحرّز ذو الرّمة بهذا الكلام من القول بخلاف العدل.
وقد روى هذا الخبر على خلاف هذا الوجه (¬3)؛ أخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال حدثنى أحمد بن خالد النحاس (¬4) قال حدّثني (¬5) محمد بن القاسم أبو العيناء قال حدّثنا الأصمعىّ قال: لما أنشد ذو الرّمة قوله:
وعينان قال الله كونا فكانتا … فعولين بالألباب ما تفعل الخمر
- وهو يريد: كونا فكانتا فعولين حيث كانتا (¬6) - قال له عمرو بن عبيد (¬7): ويحك! قلت عظيما، فقل: «فعولان بالألباب»، فقال له ذو الرّمة، ما أبالى: أقلت هذا أم سبّحت، فلما علم بما ذهب إليه عمرو قال: سبحان الله! لو عنيت ما ظننت كنت جاهلا.
¬__________
(¬1) حواشى الأصل، ت، ف: «قوله «ثان» لا يعنى أنه كذب على الذئب مرتين؛ وإنما المعنى: إنك كاذب على الخلق فى أن أفعالهم ليست بفضاء من الله وقدر؛ لأنه وإن ذكر الطائر والسبع؛ فإنه يعنى به الخلق؛ ثم لما ذكر ذو الرمة الذئب قال رؤبة: هذا كذب على الذئب ثان لذلك الكذب الأول الّذي استشهدت عليه بالطائر والسبع».
(¬2) ديوانه: 213.
(¬3) الخبر فى (الأغانى 16: 117)، وفيه: «لو قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ كان خيرا لك».
(¬4) حاشية ت (من نسخة): «النخاس».
(¬5) حاشية ت (من نسخة): «حدثنا».
(¬6) ت «خبر كانتا»، ولعله تحريف.
(¬7) حاشية الأصل: «كان معتزليا عدليا».

الصفحة 20