كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

تأويل خبر [«ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن»]
قال أبو عبيد القاسم بن سلّام فيما يروى عن النبىّ صلى عليه وآله: «ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن». قال: أراد: يستغنى به، واحتجّ بقولهم: تغنّيت تغنيا، وتغانيت تغانيا، وأنشد بيت الأعشى:
وكنت امرأ زمنا بالعراق … عفيف المناخ طويل التّغنّ (¬1)
وقول الآخر:
كلانا غنىّ عن أخيه حياته … ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا (¬2)
واحتجّ أيضا بقول ابن مسعود: «من قرأ سورة آل عمران فهو غنىّ»، أى مستغن، وبالحديث الآخر: «نعم كنز الصّعلوك سورة آل عمران يقوم بها (¬3) فى آخر الليل»؛ والصّعلوك الفقير، واحتجّ بحديث آخر يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أنه قال: «لا ينبغى لحامل القرآن أن يظنّ أنّ أحدا أعطى أفضل مما أعطى، لأنّه لو ملك الدنيا بأسرها لكان القرآن أفضل ممّا ملكه». واحتجّ أيضا بخبر يرفعه (¬4) عن عبد الله بن نهيك أنه دخل على سعد (¬5) بيته (¬6)، فإذا مثال رثّ، ومتاع رثّ، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن».
قال أبو عبيد: فذكره المتاع الرثّ، والمثال الرثّ يدلّ على أن التغنّى بالقرآن الاستغناء به
¬__________
(¬1) ديوانه: 22، واللسان (غنى).
(¬2) نسبه صاحب اللسان فى (غنى) إلى المغيرة بن حبناء التميمى؛ وذكره المبرد فى (الكامل 3: 14 - بشرح المرصفى) ضمن أبيات لعبد الله ابن معاوية، أولها:
رأيت فضيلا كان شيئا ملفّفا … فكشّفه التّمحيص حتّى بدا ليا
وقبله:
فعين الرّضا عن كلّ عيب كليلة … ولكنّ عين السّخط تبدى المساويا.
(¬3) حاشية الأصل: «بقراءتها».
(¬4) فى نسخة بحواشى الأصل، ت، ف: «يرويه».
(¬5) حاشية الأصل: «هو سعد بن أبى وقاص».
(¬6) كذا فى الأصل، وحاشية ف؛ وفى د، ف، وحاشية ت (من نسخة): «فى بيته».

الصفحة 31