كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

عن الكثير من المال والمثال هو الفراش، قال الشاعر (¬1):
بكلّ طوال السّاعد بن كأنّما … يرى بسرى اللّيل المثال الممهّدا (¬2)
- يعنى الفراش. قال أبو عبيد: ولو كان معناه الترجيع لعظمت المحنة علينا بذلك؛ إذ كان من لم يرجّع بالقرآن فليس (¬3) منه عليه السلام.
وذكر غير (¬4) أبى عبيد جوابا آخر، وهو أنه عليه السلام أراد: من لم يحسّن صوته بالقرآن.
ولم يرجّع (¬5) فيه. واحتجّ صاحب هذا الجواب بحديث عبد الرحمن بن السائب قال: أتيت سعدا- وقد كفّ بصره- فسلمت عليه، فقال: من أنت؟ فأخبرته. فقال: مرحبا يا ابن (¬6) أخى، بلغنى أنك حسن الصوت بالقرآن، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: «إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، فمن لم يتغنّ بالقرآن فليس منا». فقوله: «فابكوا أو تباكوا» دليل على أن التغنّى التحنين والترجيع. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «لا يأذن الله لشيء من أهل الأرض إلا لأصوات المؤذّنين، والصوت الحسن بالقرآن». ومعنى قوله: «يأذن» يستمع له؛ يقال: أذنت للشيء آذن أذنا إذا استمعت له؛ قال الشاعر (¬7):
صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به … وإن ذكرت بسوء (¬8) عندهم أذنوا
¬__________
(¬1) نسبه صاحب اللسان فى (مثل) إلى الأعشى.
(¬2) فى حاشيتى الأصل، ف: «أى بدل سرى الليل؛ كقولك شربت بالخمر ماء، أى بدل الخمر».
(¬3) فى نسخة بحاشيتى ت، ف: «ليس».
(¬4) د، وحاشية الأصل (من نسخة): «وذكر عن غير أبى عبيد جواب».
(¬5) ت، د، ف: «ويرجع».
(¬6) فى نسخة بحواشى الأصل، ت، ف: «بابن».
(¬7) هو قعنب بن ضمرة؛ أحد شعراء الدولة الأموية، من أبيات فى (الحماسة- بشرح التبريزى 4 - 124، والاقتضاب 292، وشواهد المغنى 326)، وقبله:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا … عنّى وما سمعوا من صالح دفنوا.
(¬8) ف: «بشر».

الصفحة 32