كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

وقال عدىّ بن زيد العبادىّ (¬1):
أيّها القلب تعلّل بددن … إنّ همّى فى سماع وأذن (¬2)
والأذن هو السّماع، وإنما حسّن (¬3) تكرير المعنى اختلاف اللفظ. وللعرب فى هذا مذهب معروف، ومثله:
* وهند أتى من دونها النّأى والبعد*
فأما الدّدن فهو اللهو/ واللعب، وفيه لغات ثلاث: دد على مثال دم، وددا على مثال فتى، وددن على مثال حزن؛ ومنه
قول النبي عليه السلام: «ما أنا من دد ولا الدّد منّي (¬4)».
فإن قيل: كيف يحمل قوله: «لا يأذن الله لشيء كإذنه لكذا وكذا» على معنى الإسماع، وهو تعالى سامع لكلّ شيء مسموع، فأىّ معنى للاختصاص؟ قلنا: ليس المراد هاهنا بالإسماع مجرد الإدراك، وإنما المراد به القبول، فكأنّه عليه السلام قال:
إنّ الله تعالى لا يتقبّل أو يثيب على شيء من أهل الأرض كتقبّله وثوابه على كذا وكذا، ومن هذا قولهم: هذا كلام لا أسمعه، وخاطبت فلانا بكلام فلم يسمعه (¬5)، وإنما يريد نفى القبول لا الإدراك، والبيت الّذي أنشدناه يشهد بذلك، لأنه قال:
* وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا*
ونحن نعلم أنّهم يستمعون الذّكر بالخير والشر معا من حيث الإدراك؛ فوجه الاختصاص ما ذكرناه.
¬__________
(¬1) حاشية ت: «العباد قوم كانوا يخدمون النعمان فسماهم العباد وكان عدى هذا منهم»؛ وحاشية ف: «قوم اقتطعهم النعمان بخدمته؛ فكان يقال لهم عباد النعمان، فنسب عدى إليهم، «وكان نصرانيا».
(¬2) حاشية الأصل: «البعد أقرب من النأى».
(¬3) ش، ف: «وإنما حسن تكرير المعنى لاختلاف اللفظ».
(¬4) فى حاشيتى الأصل، ف: «قوله عليه السلام: «منيه» هذه الهاء للاستراحة، وهى تدل على تأكد امتناعه من اللهو». وفى ج، وحاشيتى ت، ف (من نسخة): «منى».
(¬5) فى حاشيتى ت، ف: «ومن هذا الباب قوله: دعوت الله حتى خفت ألا يكون الله يسمع ما أقول؛ أى يجيب».

الصفحة 33