إذا ما أريناها الأزمّة أقبلت … إلينا بحرّات الخدود تصدّف
فأفنى مراح الدّاعرية خوضها … بنا اللّيل إذ نام الدّثور الملفّف (¬1)
ومن أحسن ما قيل فى وصف الإبل بالنحول من الكلال والجهد بعد السّمن قول الشاعر:
وذات ماءين قد غيّضت جمّتها … بحيث تستمسك الأرواح بالحجر
ردّت عوارى غيطان الفلا ونجت … بمثل إيبالة من حائل العشر (¬2)
قوله: «ذات ماءين» يعنى سمنا على سمن؛ وقيل: بل عنى أنها رعت كلأ عامين.
وقوله «قد غيّضت جمّتها» يعنى أنه أتعبها بالسير حتى ردّها هزيلا بعد سمن؛ فكأنه غيّض بذلك ماءها.
ومعنى:
* بحيث تستمسك الأرواح بالحجر*
يعنى الفلاة؛ حيث لا يكون فيها الماء، فيقتسم الركب الماء الّذي يكون معهم بالحجر الّذي يقال له المقلة (¬3) فتمسك أرماقهم.
وقوله:
* ردت عوارى غيطان الفلا ونجت*
أى ما رعت من كلأ هذه الأماكن وسمنت عنه كان كعارية عندها، فردّته حيث جهدها السير وأهزلها (¬4). والإيبالة: الحزمة من الحطب اليابس.
¬__________
(¬1) الداعرية: إبل منسوبة إلى فحل يقال له: داعر، معروفة بالنجابة والكرم. وخوضها: سيرها بالليل. والدثور: الرجل المثقل البدن، الّذي لا يبرح مكانه. الملفف، أى فى ثيابه.
(¬2) العشر: شجر له صمغ، وفى حاشيتى الأصل ف: «يعنى بحائل العشر ما يبس من هذا الشجر، وأصل الحائل فى الإبل إذا لم تحمل».
(¬3) المقلة، بالفتح: حصاة القسم؛ توضع فى الإناء ليعرف قدر ما يسقى كل واحد منهم؛ وذلك عند قلة الماء فى المفاوز.
(¬4) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «هزلها».