كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

[خبره مع الكميت حين عرض عليه أبياتا له من قصيدة]
وقد روى أن الكميت بن زيد الأسدىّ لما عرض على الفرزدق أبياتا من قصيدته التى أولها:
أتصرم الحبل حبل البيض أم تصل … وكيف والشّيب فى فوديك مشتعل
لما عبأت لقوس المجد أسهمها … حيث الجدود على الأحساب تنتضل (¬1)
أحرزت من عشرها تسعا وواحدة … فلا العمى لك من رام ولا الشّلل (¬2)
الشّمس أدّتك إلّا أنّها امرأة … والبدر أدّاك إلّا أنه رجل (¬3)
حسده الفرزدق، فقال له: أنت خطيب، وإنما سلّم له الخطابة ليخرجه عن أسلوب الشعر. ولما بهره من حسن الأبيات وأفرط بها إعجابه، ولم يتمكن من دفع فضلها جملة عدل فى وصفها إلى معنى الخطابة (¬4).
¬__________
(¬1) فى حاشيتى الأصل، ف: «عبأت: هيأت، والجدود، جمع الجد؛ وهو البخت، وتنتضل:
تناضل وترامى».
(¬2) فى حاشيتى الأصل، ف: «يقال للرامى المصيب: لا عمى ولا شلل».
(¬3) فى حاشيتى الأصل، ف: «يعنى أن أباك البدر وأمك الشمس، وإلا تقرير».
(¬4) حاشية ف: «حدث إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدى عن عبد الله بن إسحاق بن سلام قال:
أتى الكميت باب مجلس يزيد بن المهلب يمتدحه، فصادف على بابه أربعين شاعرا؛ فقال للآذن: استأذن لى على الأمير؛ فاستأذن له عليه، فأذن له، فقال: كم رأيت بالباب من شاعر؟ قال: أربعين شاعرا قال: فأنت جالب التمر إلى هجر، فقال: إنهم جلبوا دقلا، وجلبت أزاذا، فقال: هات أزاذك، فأنشده:
هلّا سألت منازلا بالأبرق … درست وكيف سؤال من لم ينطق!
لعبت بها ريحان: ريح عجاجة … بالسّافيات من التّراب المعنق
والهيف رائحة لها ينتاحها … طفل العشىّ بذى حناتم شرّق
تصل اللّقاح إلى النتاج مربّة … لخفوق كوكبها وإن لم يخفق
غيّرن عهدك بالدّيار وما يكن … رهن الحوادث من جديد يخلق
إلّا خوالد فى المحلّة بيتها … كالطّيلسان من الرّماد الأورق
ومشجّجا ترك الولائد رأسه … مثل السّواك ودمنة كالمهرق
-

الصفحة 59