كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

[عود إلى خبره مع الكميت]
وأما ما يدلّ على تشيّعه وميله إلى بنى هاشم ما أخبرنا به أبو عبيد الله المرزبانىّ قال حدثنى عمر بن داود العمانىّ قال حدثنا محمد بن زكريا (¬1) الغلابىّ قال حدثنا مهدىّ بن سابق قال حدثنا أبو لبيد قال: جاء الكميت إلى الفرزدق فقال: يا عمّ إنى قد قلت قصيدة أريد أن أعرضها عليك، فقال له: قل، فأنشده:
* طربت وما شوقا إلى البيض أطرب*
فقال له الفرزدق: إلى من طربت، ثكلتك أمّك! فقال:
* ولا لعبا منّى وذو الشّيب يلعب*
ولم تلهنى دار ولا رسم منزل … ولم يتطرّبنى بنان مخضّب
¬__________
- ويقول: إيه فدى لكم أبى وأمى! كذا والله كان آباؤكم، قال: ونظر أبو هريرة الدوسى إلى الفرزدق فقال: مهما فعلت فقنطك الناس عليه، فلا تقنط من رحمة الله، ثم نظر إلى قدميه فقال: إنى أرى لك قدمين لطيفين؛ فابتغ لهما موقفا صالحا يوم القيامة».
و(انظر الكامل- بشرح المرصفى 2: 79).
(¬1) حواشى الأصل، ف، ت: «الغلابى: منسوب إلى غلاب، اسم امرأة؛ وكان شيعيا».
وفى حاشية ف أيضا: «حدث الغلابى عن محمد بن عبد الله عن على بن محمد قال: قال أنوشروان لبزرجمهر لما أراد قتله: إنى قاتلك؛ فتكلم بشيء تذكر به؛ فقال: أيها الملك، إن الدنيا حديث حسن وقبيح؛ فإذا استطعت أن تكون حديثا حسنا فكنه، قال ابن عبد الله: وذكر هذا الكلام لابن عائشة فقال:
صدق، هو والله من قوله تعالى: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ، وأنشد ابن عائشة:
ألم تر أنّ النّاس تخلد بعدهم … أحاديثهم والمرء ليس بخالد
وقال أيضا:
وإذا الفتى لاقى الحمام رأيته … لولا الثّناء كأنّه لم يولد
وروى محمد بن زكريا الغلابى: كان مريد يكنى أبا إسحاق، وكانت له نوادر؛ فبينا هو ذات يوم جالس إذ جاءه أصحابه فقالوا: يا أبا إسحاق، هل لك فى الخروج بنا إلى العقيق، وإلى قباء، وإلى أحد؛ ناحية قبور الشهداء؛ فإن هذا يوم كما ترى طيب؛ فقال: اليوم يوم الأربعاء، ولست أبرح من منزلى، فقالوا له: ما تكره من يوم الأربعاء وفيه ولد يونس بن متى؟ فقال: بأبى وأمى صلى الله عليه وآله! وفيه التقمه الحوت، فقالوا: يوم نصر فيه يوم الأحزاب، فقال: أجل! ، ولكن بعد إذ زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر».

الصفحة 66