كتاب أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد (معتزلي) (اسم الجزء: 1)

[7] مجلس آخر [المجلس السابع: ]
تأويل آية [وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى ... ]
إن سأل سائل عن قوله تعالى: وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا؛ [الإسراء: 72] فقال: كيف يجوز أن يكونوا فى الآخرة عميا، وقد تظاهر الخبر عن الرسول عليه وآله السلام بأنّ الخلق يحشرون كما بدئوا سالمين من الآفات والعاهات، قال الله تعالى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ؛ [الأعراف: 29]، وقال عزّ وجل: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ؛ [الأنبياء: 104]، وقال جلّ وعلا: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ؛ [ق: 22].
الجواب، يقال فى هذه الآية أربعة أجوبة (¬1):
أحدها أن يكون العمى الأول إنما هو عن تأمّل الآيات، والنظر فى الدّلالات والعبر التى أراها الله المكلّفين فى أنفسهم وفيما يشاهدون، ويكون العمى الثانى هو عن الإيمان بالآخرة، والإقرار/ بما يجازى به المكلّفون فيها من ثواب أو عقاب، وقد قال قوم:
إن الآية متعلّقة بما قبلها من قوله تعالى: رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ؛ [الإسراء: 66] إلى قوله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا؛ [الإسراء: 70]، ثم قال بعد ذلك: وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا؛ يعنى (¬2) فى هذه النعم، وعن هذه العبر، فهو فى الآخرة أعمى؛ أى هو عمّا غيّب عنه من أمر الآخرة أعمى، ويكون قوله: فِي هذِهِ كناية عن النّعم لا عن الدنيا ويقال: إن ابن عباس رحمة الله عليه سأله سائل عن هذه الآية فقال له: اتل ما قبلها، ونبّهه على التأويل الّذي ذكرناه.
¬__________
(¬1) م: «أوجه».
(¬2) د، ف، حاشية ت (من نسخة): «يعنى عن هذه النعم».

الصفحة 87