تأويل خبر [تقيء الأرض أفلاذ كبدها مثل الأسطوان]
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «تقيء الأرض أفلاذ كبدها مثل الأسطوان من الذّهب والفضة، فيجئ القاتل فيقول فى مثل هذا: قتلت، ويجيء القاطع الرّحم (¬1) فيقول فى مثل هذا: قطعت رحمى، ويجيء السارق فيقول فى مثل هذا:
قطعت يدى، ثم يتركونه ولا يأخذون منه شيئا».
معنى «تقيء» أى تخرج ما فيها من الذهب والفضة، وذلك من علامات قرب الساعة، وقوله: «تقيء» تشبيه واستعارة من حيث كان إخراجا وإظهارا؛ وكذلك تسميته (¬2) ما فى الأرض من الكنوز «كبدا» تشبيها (¬3) بالكبد التى فى بطن البعير وغيره؛ وللعرب فى هذا مذهب معروف؛ قال مرّة بن محكان (¬4) السّعديّ يصف قدرا نصبها للأضياف:
لها أزيز يزيل اللحم أزمله … عن العظام إذا ما استحمشت غضبا (¬5)
/ ترمى الصّلاة بنبل غير طائشة … وفقا إذا آنست من تحتها لهبا (¬6)
فوصفها بالغضب تشبيها واستعارة، فأما الأزيز فهو الغليان، والعرب تقول: لجوفه أزيز مثل أزيز المرجل، والأزمل: الصوت، واستحمشت، أى غضبت؛ يقال: حمشه أى أغضبه، وقال النابغة الجعدىّ فى معنى الاستعارة:
¬__________
(¬1) ف، ونسخة بحاشيتى الأصل، ت: «للرحم».
(¬2) د، وحاشية ت (من نسخة): «تسمية».
(¬3) ش، ونسخة بحواشى الأصل، ت، ف: «تشبيه».
(¬4) ضبط بالقلم فى ت بفتح الميم، وفى ف بالفتح والكسر معا.
(¬5) حاشية الأصل (من نسخة): «استحمشت»، بالبناء للمجهول وفى حاشيتى ت، ف «أحمشت الرجل وحمشته؛ أى أغضبته فاحتمش واستحمش، والحمشة الاسم كالحشمة؛ واحتمش الديكان: اقتتلا».
وفى حواشى الأصل، ت، ف: «قبله:
نصبت قدرى لهم والأرض قد لبست … من الصّقيع ملاء جدّة قشبا
- ملاء: جمع ملاءة، قشبا: جمع قشيب؛ وهو الجديد».
(¬6) فى حاشيتى الأصل، ف: «الصلاة: جمع صال. غير طائشة: غير مخطئة. وفقا، أى رميا وفقا؛ شبه ما ترمى به النار من نفيانها بالنبل؛ أى كلما اشتدت النار تحت القدر اشتد غليها بقدر اشتداد النار تحتها».