سألتنى عن أناس هلكوا … شرب الدّهر عليهم وأكل (¬1)
فوصف الدهر بالأكل والشرب تشبيها واستعارة. وقال قوم: معنى البيت شرب أهل الدهر بعدهم وأكلوا.
واختلف أهل اللغة فى الأفلاذ، فقال يعقوب بن السّكّيت: الفلذ لا يكون إلّا للبعير، وهو قطعة من كبده (¬2)، ولا يقال فلذ الشاة، ولا فلذ البقرة، ويقال: اعطنى فلذا من الكبد، وفلذة من الكبد، قال أعشى باهلة:
تكفيه حزّة فلذ إن ألمّ بها … من الشّواء ويروى شربه الغمر (¬3)
الغمر: القدح الصغير؛ وقال يعقوب: ولا يقال: اعطنى حزّة من سنام ولا من لحم، وإنما الحزّة فى الكبد خاصة؛ فإذا أرادوا ذلك من السّنام واللحم قالوا: اعطنى (¬4) حذية من لحم؛ وهى القطعة الصغيرة، وفلقة من سنام، وقال الطّوسىّ (¬5) عن أبى عبيد عن الأصمعىّ قال: يقال: اعطنى حذية (¬6) من لحم، وحزّة من لحم؛ إذا كانت مقطوعة طولا، فإذا كانت مجتمعة قلت: اعطنى بضعة من لحم، وهبرة من لحم، ووذرة من لحم.
ومثل هذا الحديث قوله: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها؛ [الزلزال: 2]. معناه أخرجت ما فيها من الكنوز، وقال قوم: عنى به الموتى، وأنها أخرجت موتاها، فسمى
¬__________
(¬1) ت، د، ف، حاشية الأصل (من نسخة): «بأناس».
(¬2) حاشية الأصل: «ذكر ابن الشجرى: الفلذ كبد البعير خاصة؛ وليس بقطعة من الكبد؛ وكذا ذكره ابن السكيت».
(¬3) من قصيدة له يرثى بها المنتشر بن وهب الوائلى، أولها:
إنى أتيت بشيء لا أسرّ به … من علو لا عجب فيه ولا سخر
وهى فى (أمالى اليزيدى 13 - 18، وجمهرة الشعر 280 - 283، والأصمعيات 32، 35، والكامل- بشرح المرصفى 8: 211 - 212) ويذكرها المؤلف فيما بعد.
(¬4) ش، ص: «حذية»؛ بضم الحاء وكسرها.
(¬5) حاشية ت: «أبو الحسن على بن عبد الله الطوسى».
(¬6) كذا ضبط بالقلم فى الأصل، ت، ف، وفى الحواشى: «المعروف: الحذية، بالكسر؛ وهى القطعة من اللحم على الطول. والحذوة (مثلثة الحاء): العطية».