كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أوتى رشده لأنف أن يسخر منه الساخر، واغترف من هذا البحر الزاخر، واعترف بأنه الذى يلتقط منه جواهر المفاخر، وترى الفلك فيه بشراع العلم مواخر، ويقول من تقرع أسماعه: كم ترك الأول للآخر؟ وهب أنه ظفر بزلات معدودة، وعثر على هفوات ليست أمثالها عن جهابذة هذا الفن مردودة، ألم يعلم أن السعيد من عدت غلطاته، وردت إلى استقصاء الإحصاء سقطاته؟!
فمن ذا الّذى ترضى سجاياه كلّها … كفى المرء نبلا أن تعدّ معايبه (¬1)
ولكن لأمر ما يسود من يسود، وعسى أن يكره الإنسان من ذم الحاسد ما تسفر عقباه عن محمود السعود:
وإذا أراد الله نشر فضيلة … طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت … ما كان يعرف طيب عرف العود (¬2)
أعاذنا الله تعالى من هوى يرمى بالخرس لسان الاعتراف، ويعمى أبصار البصائر عن جميل الأوصاف، ويصمى (¬3) القلوب فلا يصل إليها نور الإنصاف، ولما أوصلتنى السرى منه إلى صباح قدر صدته فلاح، وأسفر صبحه فأجاب من سمع من مناديه حى على الفلاح، وشرح طائره الميمون ببطاقة بالحتم مبشرة بالقدوم يخفق بها جناح النجاح، ووصلت فيه إلى اجتناء غروس ثمارها على أفنان الفنون مرتصة، وحصلت منه على اجتلاء عروس فى حلى الأفراح
¬__________
- وعليه خفان أحمران، فقال: يا عم، أنا ابن أسعد بن هاشم فقال له عبد المطلب: لا وثياب هاشم، ما أعرف شمائل هاشم فيك فارجع راشدا، فانصرف خائبا، عن اللسان.
أشغل من ذات النحيين: هذه عبارة تضرب مثلا، وتفسيرها أن ذات النحيين امرأة من تميم كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتى خوّات بن جبير الأنصاري يبتاع منها سمنا فساومها، فحلت نحيا - زقا من سمن - مملوءا، فقال: أمسكيه حتى أنظر غيره ثم حل آخر وقال لها: أمسكيه، فلما شغل يديها ساورها حتى قضى ما أراد وهرب، عن اللسان.
(¬1) البيت من الطويل، وهو ليزيد بن محمد المهلبى فى تاج العروس (حبر). وروايته (ومن ...).
(¬2) البيتان من الكامل، وهما لأبى تمام فى ديوانه ص 85 ط. دار الكتب العلمية، وأسرار البلاغة ص 92 ط. رشيد رضا، والمصباح ص 113، 114، والإيضاح ص 204. والعمدة لابن رشيق (2/ 189).
(¬3) الوصم: المرض، عن اللسان.

الصفحة 29