كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (اسم الجزء: 1)

وإما عن غيرهما؛ نحو: قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ (¬1) أى: فماذا قال؟ وقوله [من الكامل]:
زعم العواذل أنّنى فى غمرة … صدقوا ولكن غمرتى لا تنجلى
ـــــــــــــــــــــــــــــ

الخاص، فالسؤال عن السبب العام لا يمكن إلا بطلب التصديق بأن يقال: هل وقع لذلك سبب؟ واعتراض ثالث: وهو أنه جعل السبب مطلقا وخاصا، والمطلق والخاص ليسا متقابلين بل المطلق يقابله المقيد وهما الأعم والأخص، والخاص يقابله العام، لكن هو جار على إطلاق المتكلمين، العام على الأعم والخاص على الأخص.
القسم الثالث من هذا القسم: أن يكون السؤال عن غير السبب العام وغير السبب الخاص كقوله عز وجل: قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ * كأنه قيل: فماذا قال إبراهيم؟
فقيل: قال: سلام. قال الشيخ عبد القاهر فى دلائل الإعجاز: كل ما فى القرآن من قال بلا عاطف فقدره على هذا، يعنى على الاستئناف، وكذلك قال ابن الزملكانى فى التبيان، ومنه قول الشاعر:
زعم العواذل أنّنى فى غمرة … صدقوا ولكن غمرتى لا تنجلى (¬2)
كأنه قيل: هل صدقوا؟ فقال: صدقوا، وهذا البيت أحد ما يدل على أن زعم تستعمل فى القول الصحيح، وللناس فيه قولان، قيل: كل قول قام الدليل على بطلانه، وقيل: لم يقم على صحته ولم يستعمل الزعم فى القرآن العظيم إلا للباطل، واستعمل فى غيره للصحيح كقول هرقل لأبى سفيان: زعمت (¬3)، وهو كثير فى الحديث؛ لكن إذا تأملته تجده حيث يكون المتكلم شاكا، فهو كقول: لم يقم الدليل على صحته، وإن كان صحيحا فى نفس الأمر وسيأتى قريبا بقية لهذا الكلام، وقد يستشكل قول الشاعر: صدقوا، وهو ضمير المذكر والعواذل جمع عاذلة وعاذلة مؤنث،
¬__________
(¬1) هود: 69.
(¬2) البيت من الكامل أورده الجرجانى فى الإشارات ص 125، بلا غرور، والطيبى فى التبيان ص 142، وفى عقود الجمان ص 182، وفى شرح شواهد المغنى 2/ 800، ومعاهد التنصيص 1/ 281، ومغنى اللبيب 2/ 383.
(¬3) حديث هرقل أخرجه البخارى فى" الجهاد والسير"، باب: دعاء النبى صلّى الله عليه وسلّم الناس إلى الإسلام ... (6/ 128، 129)، (ح 294)، وفى مواضع أخر من صحيحه، ومسلم فى" الجهاد"، (40/ 391) ط.
الشعب.

الصفحة 512