كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قطعا إلى الفعل، ومع بعضها ما تصرفه إلى الانتفاء. قال تعالى: لا ظُلْمَ الْيَوْمَ (¬1) فاليوم ظرف للظلم، وليس المعنى: أن ذلك اليوم وقع فيه الحكم بانتفاء كل ظلم ذلك اليوم وغيره، وعكسه قوله تعالى: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ (¬2) ليس معناه نفى تثريب ذلك اليوم فقط، بل إنه وقع فى ذلك اليوم انتفاء كل تثريب، وقال تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ (¬3) فلا شك أن الحل منتف من الطلاق إلى النكاح والمعنى أن انتفاء الحل إلى النكاح حاصل وليس المراد انتفاء الحل المغيا (¬4) فيلزم الحل بعد الطلاق، لا إلى تلك الغاية وكذلك: حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (¬5) وكذلك: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ (¬6) وكذلك: حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ (¬7)، حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (¬8)،" نهى عن الصلاة بعد الصبح، حتى تطلع الشمس" (¬9)، وقد كثر فى حتى دون غيرها.
وكذلك قوله تعالى: وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (¬10) أى انتفى قتله يقينا. هذا أحسن ما قيل فيه، وأما الوارد على الأصل فكثير قال تعالى: وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي (¬11) (فعن أمرى) يتعلق بفعلته، لا بالانتفاء؛ لأن الواقع أنه فعله، وقال تعالى: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً (¬12)، وقال تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (¬13)، وقال تعالى: وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (¬14) فإن قلت: تجويز الأمرين يوقع فى إلباس؟ قلت: سبق أن الأصل أحدهما فلا إلباس، على أنه يجوز أن تقول: زيد لا يقوم ويقعد مريدا العطف على يقوم تارة، وعلى لا يقوم أخرى، وهما معنيان متنافيان.
قال تعالى: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ (¬15) بعطف نكون على
¬__________
(¬1) سورة غافر: 17.
(¬2) سورة يوسف: 92.
(¬3) سورة البقرة: 230.
(¬4) المغيا: أى ما ضربت له غاية.
(¬5) سورة آل عمران: 179.
(¬6) سورة البقرة: 222.
(¬7) سورة النساء: 43.
(¬8) سورة البقرة: 196.
(¬9) أخرجاه فى الصحيحين من حديث عمر رضى الله عنه.
(¬10) سورة النساء: 157.
(¬11) سورة الكهف: 82.
(¬12) سورة البقرة: 273.
(¬13) سورة الأنفال: 25.
(¬14) سورة الأنفال: 20.
(¬15) سورة الأنعام: 27.

الصفحة 52