كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (اسم الجزء: 1)

وإما بالتذييل؛ وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها للتأكيد، وهو ضربان:
ضرب لم يخرّج مخرج المثل؛ نحو: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (¬1) على وجه.
وضرب أخرج مخرج المثل؛ نحو: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (¬2)
ـــــــــــــــــــــــــــــ

ص: (وإما بالتذييل إلى آخره).
(ش): يكون الإطناب بالتذييل، وهو أن يأتى بجملة عقب جملة، والثانية تشتمل على معنى الأولى، وهو ضربان: ضرب منه لا يستقل بنفسه بإفادة المراد، بل يتوقف فى إعادته على ما قبله، كقوله تعالى: جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ يجازى إِلَّا الْكَفُورَ (قوله: على وجه) أى: إنما تكون هذه الآية مثالا على وجه، وهو أن المعنى: وهل يجازى ذلك الجزاء إلا الكفور؟ وقال فى الإيضاح: وذكر الزمخشرى فيه وجها آخر أن الجزاء فيه عام لكل مكافأة يستعمل تارة فى معنى المعاقبة، وأخرى فى معنى الإثابة.
فلما استعمل فى معنى المعاقبة فى قوله سبحانه: جَزَيْناهُمْ بمعنى: عاقبناهم قيل:
وهل يجازى إلا الكفور، بمعنى: وهل يعاقب؟ فعلى هذا يكون من الضرب الثانى.
(قلت): فيما قاله المصنف نظر؛ لأن:" وهل يجازى إلا الكفور" على التقديرين من الضرب الأول؛ لأنها لا تستقل بنفسها. إما لأن المراد وهل يجازى ذلك الجزاء أى:
العقاب الأشد على الأول، وإما وهل يجازى ذلك الجزاء الذى هو العقوبة. فالذى قاله المصنف لا وجه له؛ ولهذا قال الزمخشرى بعد ذكر الوجه الثانى: إنما أراد الجزاء الخاص، وهو العقاب.
والضرب الثانى ما خرج مخرج المثل لاستقلاله بنفسه كقوله تعالى: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً.
(قلت): وقد يقال: ليس هذا إطنابا؛ لأن فى الثانية شيئا مرادا لم تتضمنه الأولى، وهو كون الباطل زهوقا، وهو يعطى المبالغة؛ لكونه اسما يدل على الثبوت، ولصيغته
¬__________
(¬1) سورة سبأ: 17.
(¬2) سورة الإسراء: 81.

الصفحة 611