كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (اسم الجزء: 1)

والمخالفة (¬1) نحو [من الرجز]:
الحمد لله العلىّ الأجلل (¬2)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنه سقط عن حمار، فاجتمع الناس عليه، فقال: ما لكم تكأكأتم علىّ تكأكؤكم على ذى جنة افرنقعوا عنى؛ فإن تكأكأتم بمعنى اجتمعتم، وافرنقعوا بمعنى تفرقوا لا يكاد يطلع عليه من غير بحث. قلت: وكذلك حكاها الجوهرى، وقد حكاها الزمخشرى عن أبى علقمة عند قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ (¬3) وكذلك حكاها عنه الخفاجى، وقال: إن هذا التركيب أخرجه عن الفصاحة أمران: ضعف التأليف فى تتكأكأون، ونقله بصيغة المضارع، والغرابة فى افرنقعوا، ويعنى بقوله (ضعف التأليف) تنافر الحروف وقال الزمخشرى: افرنقعوا مأخوذ من حروف الفرقة مع زيادة العين، وفيه نظر؛ لأن العين ليست من حروف الزيادة، وجعله الجوهرى مشتقا من فرقعة الأصابع فوزنه على هذا افعنللوا، وعلى الأول افعنلعوا، وحكى ابن الجوزى فى كتاب الحمقى هذه عن أبى عبيدة، وقال: ما لكم تكأكأون ثم قال: فقال الناس: تكلم بالعبرانية فعصروا حلقه إلى أن استغاث، وآلى أن لا ينحو على الجهل، وقد اعترض على المصنف فى تفسير الغرابة بما ذكر، إنما الغرابة قلة الاستعمال كما يقتضيه كلام المفتاح وغيره، وكون الكلمة ثقيلة نوع آخر مما يخل بالفصاحة ولو سمى هذا باسم التعقيد لكان حسنا.
وقوله: (والمخالفة نحو الحمد لله العلى الأجلل).
يشير إلى قول أبى النجم:
الحمد لله العلىّ الأجلل … أعطى، فلم يبخل، ولم يبخّل (¬4)
لأن قياس التصريف الأجل لاجتماع المثلين، وتحرك الثانى وذلك يوجب الإدغام وأمثال ذلك كثيرة جدا، وأنشد سيبويه:
¬__________
(¬1) هى أن تكون الكلمة على خلاف قواعد الصرف.
(¬2) البيت لأبى النجم الراجز. وبعده: أنت مليك الناس ربّا فاقبل والشاهد فيه كلمة (الأجلل) لأن الموافق.
لقواعد الصرف هو (الأجلّ) بإدغام اللامين.
(¬3) سورة سبأ: 23.
(¬4) الرجز لأبى النجم فى خزانة الأدب 2/ 390، ولسان العرب (جلل)، وتاج العروس (جزل)، (جلل)، (خول)، والإيضاح ص 3.

الصفحة 63