كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال فى الإيضاح: لأن فى قوله: (أمدحه) ثقلا؛ لما بين الحاء والهاء من التنافر، فإنهما حرفان متنافران لتقاربهما، فإن التقارب قد يكون سببا للتنافر؛ ولذلك حكم على الكلمات التى تكررت فيها الحروف المتماثلة بالثقل كما تقدم، ثم فيما قاله من ثقل (أمدحه) نظر؛ فإن اجتماع الحاء والهاء فصيح؛ لوروده فى القرآن قال الله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ (¬1) وإنما جاء الثقل هنا من تكرار أمدحه، وسيأتى فى التكرار والتصريح من كلام حازم فى المنهاج بأن ما لعله يعزى لهذا البيت من الثقل إنما هو من التكرار فى (أمدحه)، وفى (لمته) وبه جزم الخفاجى فى سر الفصاحة، وقيل: إنما حصل الثقل من اجتماع الحاء والهاء بعد الفتحة، وليس ذلك فى الآية الكريمة، وقيل: الثقل من الهاء والحاء والهمزة.
واعترض أيضا بأن الكلام إنما هو فى تنافر الكلمات، وهذا من تنافر الحروف. قلت: ليس كذلك بل التنافر على هذا التقدير بين الكلمات لأن الهاء كلمة وحدها نعم يرد على المصنف فى هذا وفى الذى قبله أن التنافر فيهما ليس فى الكلام بل فيه مع متعلقاته إلا أن يراد بالكلام جزءا الإسناد، وما يتعلق بهما كما سبق وكما سيأتى فى الإيجاز، وذكر الخطيبى أنواعا من ذلك لا حاجة لذكرها؛ إذ هى داخلة فى كلام المصنف.
(فائدة): بيت أبى تمام المذكور معناه واضح، غير أن فيه نقدا، وهو الإتيان فى المدح (بمتى) وفى اللوم (إذا)، والمعنى على العكس، فإن (إذا) دالة على ما تحقق أو رجح وجوده و (متى) لا تدل على ذلك، غير أن الذى دعاه إلى (متى) احتياجه لجزم الفعل بعدها، وأما (إذا) فكان مستغنيا بأن يقول: (ومتى ما لمته) وكان أولى لموافقة الأول لفظا ومعنى، وعدم اقتضائه ما لا يليق من نسبة توقع اللوم إلى نفسه، وقد اعترض بأن المدح لا يقابله اللوم بل الذم، قلت: الإتيان باللوم أحسن؛ لأنه ينفى الذم من باب أولى على أنه روى (ذمته ذمته وحدى) يقال: ذامه يذيمه، أى عابه على أن الحبيب سلفا فى مقابلة المدح باللوم، قال:
ومن يلق خيرا يحمد النّاس أمره … ومن يغو لا يعدم على الغىّ لائما (¬2)
¬__________
(¬1) سورة ق: 40.
(¬2) البيت من الطويل، وهو للمرقش فى ديوانه ص 565، ولسان العرب (غوى)، وتاج العروس (غوى)، وشرح اختيارات المفصل ص (1104).

الصفحة 78