كتاب المغني لابن قدامة ط مكتبة القاهرة (اسم الجزء: 1)
وَلِأَنَّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) يُسْتَفْتَحُ بِهَا سَائِرُ السُّوَرِ، فَاسْتِفْتَاحُ الْفَاتِحَةِ بِهَا أَوْلَى، لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْقُرْآنِ وَفَاتِحَتُهُ، وَقَدْ سَلَّمَ مَالِكٌ هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ: لَا يَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ، وَيَسْتَفْتِحُ بِهَا بَقِيَّةَ السُّوَرِ.
[مَسْأَلَة الْجَهْرَ بِالْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاة]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَجْهَرُ بِهَا) يَعْنِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) . وَلَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْجَهْرَ بِهَا غَيْرُ مَسْنُونٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمَّارٍ. وَبِهِ يَقُولُ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَيُرْوَى عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، الْجَهْرُ بِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَرَأَهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْمَعْنَاكُمْ، وَمَا أَخْفَى عَلَيْنَا أَخْفَيْنَاهُ عَلَيْكُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَنَسٍ، «أَنَّهُ صَلَّى وَجَهَرَ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَقَالَ: أَقْتَدِي بِصَلَاةِ
الصفحة 345