كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 1)

إيجاب الوضوء بمس الذكر بالنسبة إلى خروج البول فهما متفقان دليلا وتعليلا، والله أعلم.
وقال أيضاً: إيجاب الغسل أطبق عليه الصحابة ومن بعدهم وما خالف فيه إلاَّ داود , ولا عبرة بخلافه. انتهى
أما نفي ابن العربي الخلاف فمعترَض فإنه مشهور بين الصحابة ثبت عن جماعة منهم , لكن ادعى ابن القصار أنَّ الخلاف ارتفع بين التابعين.
وهو معترض أيضاً. فقد قال الخطابي: أنه قال به من الصحابة جماعةٌ فسمَّى بعضهم. قال: ومن التابعين الأعمش وتبعه عياض , لكن قال: لم يقل به أحدٌ بعد الصحابة غيره. وهو معترَض أيضاً , فقد ثبت ذلك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. وهو في سنن أبي داود بإسناد صحيح, وعن هشام بن عروة عند عبد الرزاق بإسناد صحيح.
وقال عبد الرزاق أيضاً: عن ابن جريج عن عطاء , أنه قال: لا تطيب نفسي إذا لم أنزل حتى اغتسل من أجل اختلاف الناس لأخْذِنا بالعروة الوثقى.
وقال الشافعي في اختلاف الحديث: حديث " الماء من الماء " ثابت لكنه منسوخ. إلى أن قال: فخالفنا بعض أهل ناحيتنا - يعني من الحجازيين - فقالوا: لا يجب الغسل حتى ينزل. انتهى.
فعرف بهذا أنَّ الخلاف كان مشهوراً بين التابعين ومن بعدهم , لكن الجمهور على إيجاب الغسل. وهو الصواب. والله أعلم.

الصفحة 329