كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 1)

وقال البيهقيّ في " البعث ": يحتمل أنّ الشّفاعة التي يختصّ بها أنّه يشفع لأهل الصّغائر والكبائر، وغيره إنّما يشفع لأهل الصّغائر دون الكبائر.
ونقل عياض: أنّ الشّفاعة المختصّة به شفاعة لا تردّ. وقد وقع في حديث ابن عبّاس " وأعطيت الشّفاعة فأخّرتها لأمّتي، فهي لمن لا يشرك بالله شيئاً " , وفي حديث عمرو بن شعيب " فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلاَّ الله ".
فالظّاهر أنّ المراد بالشّفاعة المختصّة في هذا الحديث إخراج من ليس له عملٌ صالحٌ إلاَّ التّوحيد، وهو مختصّ أيضاً بالشّفاعة الأولى، لكن جاء التّنويه بذكر هذه؛ لأنّها غاية المطلوب من تلك لاقتضائها الرّاحة المستمرّة، والله أعلم.
وقد ثبتت هذه الشّفاعة في رواية الحسن عن أنس كما في البخاري " ثمّ أرجع إلى ربّي في الرّابعة فأقول: يا ربّ ائذن لي فيمَن قال لا إله إلاَّ الله، فيقول: وعزّتي وجلالي لأخرجنّ منها مَن قال لا إله إلاَّ الله ".
ولا يعكّر على ذلك. ما وقع عند مسلم قبل قوله وعزّتي " فيقول ليس ذلك لك، وعزّتي .. إلخ؛ لأنّ المراد أنّه لا يباشر الإخراج كما في المرّات الماضية، بل كانت شفاعته سبباً في ذلك في الجملة. والله أعلم.
وقد تقدّم الكلام على قوله " وكان النّبيّ يبعث إلى قومه خاصّة ".
وأمّا قوله " وبعثت إلى النّاس عامّة " فوقع في رواية مسلم " وبعثت إلى كلّ أحمر وأسود " , فقيل: المراد بالأحمر العجم وبالأسود

الصفحة 360