كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 1)

وقال ابن دقيق العيد: اكتفاء عائشة في الاستدلال على إسقاط القضاء بكونها لَم تؤمر به يحتمل وجهين:
أحدهما: أنّها أخذت إسقاط القضاء من إسقاط الأداء فيتمسّك به حتّى يوجد المعارض وهو الأمر بالقضاء كما في الصّوم.
ثانيهما: - قال وهو أقرب - أنّ الحاجة داعية إلى بيان هذا الحكم لتكرّر الحيض منهنّ عنده - صلى الله عليه وسلم -، وحيث لَم يبيّن دلَّ على عدم الوجوب، لا سيّما وقد اقترن بذلك الأمر بقضاء الصّوم كما في رواية عاصم عن معاذة عند مسلم.
قوله: (فلا يأمرنا به، أو قالت: فلا نفعله) كذا في هذه الرّواية بالشّكّ، وعند الإسماعيليّ من وجه آخر " فلم نكن نقضي ولَم نؤمر به ".
والاستدلال بقولها " فلم نكن نقضي " أوضح من الاستدلال بقولها " فلم نؤمر به " لأنّ عدم الأمر بالقضاء هنا قد ينازع في الاستدلال به على عدم الوجوب، لاحتمال الاكتفاء بالدّليل العامّ على وجوب القضاء. والله أعلم.
تكميل: قال أبو الزناد: إنَّ السننَ ووجوهَ الحق لتأتي كثيراً على خلاف الرأي، فما يجد المسلمون بُدَّاً من اتّباعها، من ذلك أنَّ الحائض تقضي الصيام , ولا تقضي الصلاة. (¬1)
¬__________
(¬1) قول أبي الزناد. ذكره البخاري معلّقاً في كتاب الصوم. باب الحائض تترك الصلاة والصوم. ولم يذكر ابن حجر من وصله. وقد وصله الخطيب في " الفقيه والمتفقّه " (1/ 392) من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه به.

الصفحة 387