كتاب فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (اسم الجزء: 1)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة ابن حجر رحمه الله
يقول رحمه الله: "الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة قديما وحديثا".
ابتدأ الكتاب بـ "الحمد لله" اقتداء بكتاب الله عز وجل، فإن القرآن الكريم جعل الصحابة - رضي الله عنهم- أوله فاتحة الكتاب وهي - كما تعلمون- مبدوءة بالحمد لله، وليست فاتحة الكتاب أول ما نزل كما هو معلوم، لكنها أول ما وقع في ترتيب المصحف باتفاق الصحابة، لذلك كان العلماء -رحمهم الله- من بعد ذلك يبدءون كتبهم بـ {الحمد لله رب العالمين} اقتداء بعمل الصحابة -رضي الله عنهم- في كتاب الله عز وجل هذا من وجه.
ومن وجه آخر: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه خطبة الحاجة التي يخطبونها في مقدمة كل حاجة وهي مبدوءة بماذا؟ بالحمد لله.
ثالثا: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يبدأ خطبته بالحمد والثناء، فلذلك ابتدأ العلماء- رحمهم الله- كتبهم بذلك.
يقول رحمه الله: "الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة".
أولا: نتكلم على "أل" في قوله: "الحمد لله" يقول العلماء: "إن "أل" هنا للاستغراق، و "أل" التي للاستغراق علامتها أن يحل محلها "كل" بتشديد اللام، وعليه يكون معنى: "الحمد لله": كل حمد لله، وما هو الحمد؟ الحمد: هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم، فخرج بقولنا مع المحبة والتعظيم: المدح؛ لأن المدح وصف للممدود بالكمال لكن ليس مقرونا بالمحبة والتعظيم.
ثم الله تعالى يحمد على كمال صفاته، ويحمد على كمال إنعامه، قال الله - سبحانه وتعالى-: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل}. وهذا حمد على ماذا؟ على صفات الله عز وجل الكاملة؛ وكذلك أيضا يحمد الله تعالى على إنعامه، ومن
الصفحة 43
640