كتاب فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (اسم الجزء: 1)
ندفع هذا الإيراد بماذا؟ بأن نقول: "آله" هم المؤمنون من قرابته، "وصحبه" أحسن ما نقول فيهم ما قاله أهل المصطلح: أنهم كل من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك وهذا من خصائص الرسول - عليه الصلاة والسلام- غير الرسول لابد للصحبة من طول زمان يعني لو اجتمعت بواحد في مجلس من المجالس وتفرقتما هل يقال أنه صاحب لك؟ لا، لكن من خصائص الرسول - عليه الصلاة والسلام-: أن الإنسان إاذ اجتمع به لحظة واحدة مؤمنا به فهو من أصحابه، لكن لا شك أن الصحابة يختلفون اختلافا كبيرا في الصحبة والإيمان والتقوى والعمل وغير ذلك. هل آله من صحبه؟ الذين اجتمعوا به يعني: آل الرسول الذين جاءوا من بعده هم آله وليسوا من صحبه، لكن آله الذين كانوا في حياته من صحبه، وبهذا قلنا صحبه من باب عطف العام على الخاص، هذا إذا لم ترد "آل" وحدها فإن وردت "آل" وحدها، فهي قطعا أتباعه على دينه، مثل قوله صلى الله عليه وسلم حين علمهم الصلاة عليه: "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد". هذا المراد به: جميع الأتباع.
"وعلى آله وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيرا حثيثا" أصحاب الرسول يجب على الأمة من بعدهم أن يشكروهم؛ لأنهم ساروا في نصرة دينه سيرا حثيثا، لم يكن أحد مثلهم أبدا في سير النصرة؛ وذلك لأنهم جاهدوا في الله وهاجروا في سبيل الله وقاتلوا وقتلوا وأخرجوا من ديارهم وأموالهم وكان شأنهم ذلك ولم يوجد أحد مثلهم من بعدهم أبدا؛ ولهذا قال: ساروا في نصرة دينه سيرا حثيثا.
قال: "وعلى أتباعه"، أتباع من؟ أتباع كل من سبق، فيدخل في هذا: أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباع الآل، وأتباع الصحب.
"وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم" نعم من بعدهم ورث عليهم فلمن الفضل؟ للأول الفضل، الأول هو الذي أعطى من بعده العلم تاما ناضجا، فالأول مورود والثاني وارد.
قال: "والعلماء ورثة الأنبياء" كأنه رحمه الله خاف أن يظن ظان أن قوله: "أتباعهم" أتباع الصحب فقال: "الذين ورثوا علمهم" يدخل في ذلك: علم النبي - عليه الصلاة والسلام- ولهذا قال: "العلماء ورثة الأنبياء". جعلنا الله وإياكم منهم، لكن من العلماء الذين هم ورثة؟ العلماء الموصوفون بالعلم الصحيح النقي، العلماء العاملون بعلمهم، العلماء الناشرون لشريعة الله، العلماء الداعون لدين الله، العلماء المجاهدون في سبيل الله لأنه لابد أن يكون الوارد مماثلا
الصفحة 48
640