كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

أثارت معركة جزر الباليئار مناخا من الفزع الذي تجاوز حدود إسبانيا. فبادر (شارلكان) إلى معالجة الموقف بحزم. وعمل على إعادة تنظيم أسطوله وأسند قيادته إلى ضابط مغامر كان قد اكتسب شهرة واسعة في قيادته للأساطيل البحرية وممارسة أعمال القرصنة. وكان هذا الضابط هو (الأميرال اندريا دوريا) (¬1) الذي كان يعتبر باستمرار أن (خير الدين) هو عدوه اللدود.
انصرف (أندريا دوريا) إلى مدينة جنوة من أجل تنظيم أسطوله، وأمضى سنة (1530) في الاستعداد لحملته الضخمة القادمة. ثم غادر المرسى الإيطالي الكبير في تموز (يوليو) سنة (1531) على رأس أسطول يضم عشرين سفينة تحمل ألفا وخمسمائة من المقاتلين الأشداء، وسار بهم نحو الساحل الجزائري وقد حدد هدفه بتدمير الأسطول الإسلامي كمرحلة أولى، ثم الانطلاق من مركز بجاية في الشرق ومركز وهران والمرسى الكبير في الغرب لخنق الدولة الجزائرية، ووضع المغرب العربي الإسلامي بكامله تحت الحكم الكاثوليكي - الإسباني.
¬__________
(¬1) ورد في كتاب - حرب الثلاثمائة سنة - أحمد توفيق المدنى ص 220 - 221 تعريفا بهذا الأميرال كما يلي: (أندريا دوريا هو سليل بيت من أكبر بيوتات مدينة جنوة الإيطالية وأمجدها. وقد ورث عن أبيه وعن جده حب المغامرة البحرية وعشق الأمواج واقتحام الأخطار بين الشراعات المنشورة والزوابع الثائرة، وهدير المدافع ولمعان السيوف. ولم يكن يهمه هوية الشخص الذي يعمل تحت رايته، على شرط أن يكون مسيحيا مقاتلا، فعمل أولا تحت لواء مدينة جنوة ثم خدم ملك فرسا - فرانسوا الأول - الذي سلمه قيادة أساطيله، التي أن صدرت عن الملك الإفرنسي بادرة أساءته، فأعاد إليه سنة 1529 القلادة التي سلمها له رمزا للقيادة، ودخل في خدمة الإمبراطور (شارلكان) الذي كان يحكم يومئذ أضخم دولة مسيحية في أوروبا وأقواها.

الصفحة 122