كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

كان (خير الدين) يتابع جهود عدوه (أندريا دوريا) باستمرار، وعندما علم باقتراب ركوبه البحر جمع أسطوله الذي كان يضم أربعين سفينة، وحشد قواته، واستنفر الحاميات، وأخذ في الاستعداد للمعركة. غير أنه كان يجهل محور تحرك الأسطول المسيحي بقدر جهله لما كان يعتزم خصمه تنفيذه. ولم يبق أمامه إلا الانتظار ريثما يحدد لمكان الذي يختاره عدوه مسرحا لعملياته.
حدد (أندريا دوريا) مدينة شرشال هدفا مباشرا لهجومه، وكان يعرف أن حامية هذه المدينة مكونة من أبنائها مع عدد محدود من الأتراك العثمانيين. وكانت هذه الحامية ضعيفة بالمقارنة مع قوة أسطوله حتى لو انضم لدعمها المجاهدون من القرى والمراكز المجاورة وإنها والحالة هذه لا تستطيع الصمود لفترة طويلة. بحيث أنه يستطيع إذا ما تم له احتلالها، الاستقرار فيها وتنظيم حامية قوية فيها للدفاع عن قلعتها، وبذلك يصبح (خير الدين) عاجزا عن مهاجته أو إخراجه من هذه القاعدة.
وكانت مدينة شرشال يومئذ مركزا من أكبر مراكز الدولة الجزائرية الحديثة وقد عرف (عروج) أهمية موقعها الممتاز فعمل على تحصينها، وشيد فيها قلعة قوية، وأقيم فيها مصنع لتأمين متطلبات الجيش الإسلامي وإمداده بالأعتدة والمواد التموينية، كما أقيم فيها مصنع للأخشابب يعتمد على غابات (الونشريس) والغابات الكثيفة التي كانت قريبة منها , وكانت شرشال بحكم موقعها الطبيعي - وهي لا تبعد عن مدينة الجزائر الواقعة إلى شرقها مسافة إلا 120 كيلومترا، ووهران الواقعة إلى غربيها - تشكل تهديدا مباشرا للجزائر إذا ما أمكن للأسطول الإسباني احتلالها تمهيدا لعملياته التالية.

الصفحة 123