كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

استيقظت الحامية الإسلامية المدافعة عن (شرشال) فإذا بالأسطول الإسباني يتقدم من الأفق ويقترب بسرعة نحو مدينتهم، فاجتمع القادة على عجل، وتقرر إخلاء البلدة من سكانها على الفور، وحشد كل القوى في القلعة للدفاع عنها، واستنزاف قدرة العدو لأطول مدة ممكنة ريثما يصل الدعم من الجزائر ومن داخل البلاد.
أنزل (اندريا دوريا) قواته على أرض شرشال بدون مقاومة تذكر، وركزت الحامية الإسلامية ومن معها من المجاهدين في معقل القصبة، وأخذوا في متابعة تحركات العدو بيقظة وحذر.
وبادر الإسبانيون بالبحث عمن بشرشال من أسرى النصارى، وكانوا نحوا من ثمانمائة، فوجدوا مخابئهم وأخرجوهم، وضموهم إلى الجيش، وعمل هؤلاء الأسرى كأدلاء نظرا لمعرفتهم بديار كبار القوم وبالأماكن التي تضم مخابىء الأموال ونفائس الذخائر، وانتشر الجيش الإسباني وراء الأسرى، وتحول إلى عصابات للنهب والسلب. وأخذت زمر منه في التوغل إلى داخل الديار حتى وصل بعضهم إلى الحدائق والمزارع المحيطة بالبلدة. وأيقنت القيادة الإسلامية ساعتئذ أنه بات بالإمكان الانتصار على هذه الفرق الممزقة بعزل بعضها عن بعض وتدمير كل قوة منها على حدة. ففتحوا أبواب القلعة، واندفعوا وهم يرددون صيحة حرب المسلمين (الله أكبر) وأحاطوا بالعدو من كل جانب، وحالوا بين تجمع هذه الفرق والتقاء بعضها مع بعض، كما حالوا بينها وبين البحر، في حين كانت مدفعية القلعة تقذف قطع الأسطول الإسباني بنيرانها وقذائفها. فاختل نظام العدو، وسادت الفوضى والاضطرابات في صفوفه، فيما كانت نيران الجزائريين وسيوفهم تدمر قوة الغزاة، بحيث لم تغرب شمس ذلك اليوم حتى

الصفحة 124