كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

انتشرت فوق أرض شرشال جثث ألف وأربعمائة من الإسبانيين، بالإضافة إلى ستمائة أسير وقعوا في قبضة المجاهدين. ولم يتمكن من الوصول إلى السفن أكثر من ثلاثمائة رجل من بقايا القوة الإسبانية ومن الأسرى الذين تمكنوا من النجاة.
ووقف (أندريا دوريا) ذاهلا أمام قوة هذه الصدمة، وتلكأ في الرحيل عن شرشال وهو لا يدري إلى أين يتجه ولا ماذا يعمل. وعندها وصله إنذار باقتراب أسطول الجزائر مسرعا تحت قيادة (خير الدين)، وعرف (دوريا) أنه لا قبل له بمنازله خصمه في مثل هذه الظروف فقرر مغادرة أرض المعركة بسرعة لحماية ما بقي لديه من القوة. وعندما وصل خير الدين إلى شرشال وعرف نتيجة المعركة، انطلق بأسطوله لمطاردة خصمه، الذي كان أسرع منه في التحرك فلم يتمكن من اللحاق به. غير أن هذه المطاردة لم تكن محرومة من الثمار. إذ عثر خير الدين على سفينتين إسبانيتين كانتا محملتين بالأعتدة والمواد التموينية، فاستولى عليهما واقتادهما.
ترددت أصداء هذا الانتصار بقوه وانعكست على مختلف دوائر الصراع بأشكال مختلفة. فقد أصبح الشعب في الجزائر أكثر ثقة بقدراته وإمكاناته، وباتت الجماهير الخاضعة لحكم (بني زيان) في تلمسان تنتظر لحظة تحررها للانضمام إلى مسيرة المجاهدين في سبيل الله.
وأصبحت الإمبراطورية العثمانية أكثر استعدادا لدعم (خير الدين) من أجل طرد أعداء الدين من المغرب العربي الإسلامي. وأصبحت الملكة الإسبانية وإمبراطورها شارلكان أكثر تصميما على تجهيز حملة قوية يتم بواسطتها التعويض عن الهزائم

الصفحة 125