كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

العثماني الذي تولى قيادته خير الدين إلى عنابة في شهر آب - أغسطس - (1533م) وأخذ منها دعما جاءه به نائبه (حسن آغا) ثم تقدم نحو (بنزرت) برا، ونحو (حلق الوادي) بحرا، فتمكن منهما بدون عناء، ووقف على أسوار مدينة (تونس) ففتحت له أبوابها، واستقبله أهلها اسقبالا رائعا عبر فيه الأهالي عن تطلعاتهم وآمالهم.
وجمع (خير الدين) حوله الأعراب الذين انساقوا في تيار الفوضى وإثارة الفتن ووحدهم في تيار الجهاد. كما كتب إلى الأعراب وحذرهم سوء عاقبة الفتنة في الإسلام. وأجابوه إلى ذلك، غير أنهم اشترطوا عليه الإبقاء في أيديهم على ما أعطاه لهم بنو حفص من الإقطاعات، فالتزم لهم بذلك، واشترط عليهم، أن يكون مشتاهم بالصحراء. وأن يكفوا اليد العادية ثم بعث إلى نائبه بالجزائر في إرسال عسكر وأربعمائة فارس، ولما وصلوا وزعهم بالجهات، لما رأى من حال أمر المملكة.
أثناء ذلك، كان سلطان تونس السابق (الحسن بن محمد) قد وجد طريق النجاة، فهرب متنقلا من بلد إلى آخر حتى انتهى به المطاف إلى إسبانيا، وقابل الإمبراطور شارلكان، واستثاره لحرب قومه، ولم تكن هناك حاجة لمثل هذه الاستثارة، إذ كان (شارلكان) قد أعد عدته لقيادة حملة قوية ضد المغرب الإسلامي، غير أنه وجد في شخص (الحسن بن محمد) أداة جيدة يمكن استخدامها لتنفيذ مخططه.
قاد (شارلكان) قواته، وأبحر من مدينة برشلونة يوم 31 أيار - مايو - سنة 1535م. وقد تولى قيادة حملة صليبية حقيقية تضم (30) ألفا من المقاتلين الأشداء حملتهم (500) سفينة شراعية. ووصل هذا الأسطول إلى مواجهة (قرطاجنة) وسواحل مدينة (تونس) في يوم 16 حزيران (يونيو).

الصفحة 129