كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

ولم تكن القوة التي يقودها (خير الدين) كافية لإيقاف هذه الحملة الضخمة، إذ لم يكن الجيش الإسلامي يضم أكثر من سبعة آلاف من الأتراك وخمسة آلاف من التونسيين، وتخلف الأعراب عن الجهاد، فكانت النتيجة الحتمية هي استيلاء (شارلكان) على معقل (حلق الوادي) وهو مرسى مدينة تونس. واستعد لمهاجمة العاصمة الحفصية، يتقدم صفوفه بصفة رمزية (الحسن بن محمد) الذي كان قد أبرم مع صاحبه (شارلكان) معاهدة رهيبة خان فيها قومه ودينه.
وتقدم الجيش الإسباني نحو مدينة تونس. وفي نفس تلك الساعة، وقع بتونس الحدث الذي عجل بالانهيار، والذي كان السبب المباشر للكارثة العظمى، ذلك هو انتفاض عشرة آلاف أسير نصراني كانوا محبوسين في العاصمة الحفصية. فعندما خلت المدينة من الجيش الذي تقدم لقتال العدو، وجد هؤلاء الأسرى فرصتهم السانحة، فخرجوا من معتقلهم، ونظموا صفوفهم. ثم هاجموا معقل القصبة الذي لم يكن به من الحرس إلا القليل. فتمكنوا منه، ووجهوا مدافعه في اتجاه جيش المسلمين، الذي وقع بين نارين، وأوصدوا أبواب المدينة وأقاموا عليه الحراسة، ليمنعوا خير الدين وجيشه من الرجوع إليها والتحصن لمقاومة شارلكان ريثما تصل قوات الدعم. وشعر (خير الدين) بالخطر من قبل أن يغادر مدينة تونس، وكان قد اتخذ قراره بإبادة هؤلاء الأسرى غير أن سرعة تقدم (شارلكان) أعاقته عن تنفيذ ما قرره. وهكذا خرج خير الدين للقاء الحملة الصليبية فاستولى على (برج العيون) ثم رجع بمن معه إلى المدينة، فاضطرب عليه أهلها، بعضهم تمسك بطاعته، وبعضهم انحرف عنه وانضم إلى السلطان أبي حفص، فجمع أعيان الناس، وتحدث إليهم، فاختلفوا عليه، فتركهم وخرج بمن معه إلى الحرب. وأبلى خير الدين

الصفحة 130